أكثر ما يلفت النظر في الضربة الإسرائيلية الأولى على إيران هي دقة المعلومات السرية التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي عن قيادات الحرس الثوري الإيراني، وأغلب الاغتيالات الإسرائيلية طالت قيادات الحرس الثوري الإيراني.

أما الخبر الآخر الذي يلفت النظر هو تعيين الأدميرال حبيب الله سياري خلفاً لرئيس أركان الجيش الذي اغتيل أيضاً في الضربات الأولى، لأن ذلك مؤشر على رجحان كفة الجيش على كفة الحرس الثوري الإيراني، وفي هذا قول كثير!!

إذ لطالما اشتكى الجيش الإيراني من التهميش في كل ما يعنيه على حساب الحرس الثوري الإيراني الذي له الحظوة عند المرشد الأعلى، وتركت له مساحة كبيرة للتدخل في الشؤون الداخلية بشكل زاحم فيها مؤسسات أمنية ومدنية كثيرة بل زاحم فيها حتى السوق حين اقتحم مجال التصنيع، أما تراجع نفوذ الجيش النظامي فقواته أقل مرتبة وأقل دخلاً وأقل سلطة وأقل ظهوراً إعلامياً، والأدميرال حبيب سياري نفسه الذي عيّن الآن قائداً للجيش، كان فيما سبق قائداً للقوة البحرية في الجيش الإيراني منذ 2007 إلى 2018 وله موقف مُعلن من هذا التهميش أحدث لغطاً وبلبلة كثيرة مما أدى إلى إقالته من منصبه وتحويله إلى مساعد منسق في الجيش بعد مقابلة صحفية أجرها بيّن فيها الفارق في المعاملة بين الاثنين الحرس والجيش وكشف أن البنية التحتية للجيش متهالكة!!

شكوى الجيش كانت هي شكوى الشعب الإيراني كله من هيمنة الحرس الثوري وانصرافه لتوسيع نفوذه خارج إيران على حساب الشعب الإيراني وحساب الجيش أيضاً.

وتعيين سياري الآن رئيساً لهيئة الأركان يعني عودة الزمام للجيش على حساب الحرس الثوري الإيراني، مما يفتح مجال التكهنات بشكل أكبر حول دور الجيش في هذه الفرصة الثمينة التي أتته من جديد ليُعيد الأمور لنصابها تقليصاً لنفوذ الحرس لحساب الجيش الإيراني، وينبئ عن دور مستقبلي أكبر من ذلك للجيش النظامي! فالجيش هو الضمان الوحيد الآن للدولة الإيرانية على عكس الحرس الذي هو الضمان للنظام.

تلك المعطيات تفتح المجال أمام قراءة استشرافية للمستقبل، فهل هناك إعداد لسقوط النظام وإعداد لقيادة الجيش التي سيؤول لها الأمر بعد ذلك؟

هل ذلك سيكون السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب الإيراني ويحميه من التمزق وانتشار الفوضى في حال ضعف النظام؟ هل سيكون ذلك السبيل الوحيد إلى عودة «الدولة» الإيرانية التي كانت عليه قبل تولي الملالي نظام الحكم فيها؟

هل التعامل مع نظام عسكري أكثر سهولة ويُسراً من التعامل مع نظام ديني؟