نعيش في زمن تتطور فيه الابتكارات والتكنولوجيا الرقمية، ومنها مفاهيم مثل: الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)، الوكيل الذكي (AI Agent)، والذكاء الاصطناعي الفاعل (Agentic AI). ورغم ارتباطها جميعاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن كل مفهوم منها يُستخدم لأغراض مختلفة، ويقدم مستويات متفاوتة من الذكاء والاستقلالية كما سنبيّنه:

- الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI): هو نظام يقوم بإنتاج محتوى جديد (نص، صورة، صوت، كود...) بناءً على مُدخلات يقدمها المستخدم.

لا يمتلك هذا النوع القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة أو العمل ضمن أهداف بعيدة المدى. مثلاً: ChatGPT لكتابة النصوص والمساعدة في البحث. ‏DALL-E أو Midjourney لإنشاء الصور من وصف نصي. ‏ElevenLabs لتحويل النصوص إلى أصوات واقعية. ‏Copilot وGemini كمساعدات لتوليد كود برمجي أو صياغة محتوى. وتتركز استخداماته في الكتابة والتصميم والترجمة وتوليد الأفكار الإبداعية، ولا يتطلب منه التفكير في “الخطوة التالية”.

- الوكيل الذكي (AI Agent): هو نظام يتفاعل مع بيئته الرقمية، ويقوم بتنفيذ مهام محددة بشكل شبه مستقل بناءً على أهداف موضحة بخوارزمياته مسبقًا. يستخدم أدوات مختلفة، لكنّه يظل ضمن مهمة واحدة أو مجموعة صغيرة من المهام. مثلاً:

Rewind AI لتنظيم الأفكار والمهام والبحث داخل جهازك. ‏Zapier AI لوصل تطبيقات متعددة وتنفيذ مهام تلقائية. ‏LangChain Agents كوكلاء يتفاعلون مع بيانات ونماذج مختلفة.‏Notion AI للمساعدة في تنظيم المحتوى وتنفيذ المهام تلقائياً. وتتركز استخداماته عند الحاجة لأداة تفهم المهام، وتنفذها نيابة عنا ضمن بيئة رقمية، مثل تنظيم الاجتماعات أو تصنيف الرسائل.

- الذكاء الاصطناعي الذاتي (Agentic AI): هو نظام يُفكّر ويُخطط” ويُنفـذ بناءً على أهداف عامة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر في كل خطوة. يستخدم عدة أدوات، ويحلل البيانات ويتعلّم من النتائج ليُحسّن من قراراته باستمرار. مثلاً:

AutoGPT وAgentGPT لتنفيذ المشاريع المعقدة من البداية للنهاية. ‏Manus كنظام متعدد الأوجه يُقسّم المهام على وكلاء فرعيين وينفذها. ‏Operator من OpenAI لتوصيل ChatGPT بتطبيقات مختلفة (مثل GmailوSlack) والقيام بمهام فعلية. ‏Cognition Labs (Devin) وهو أول مهندس برمجيات آلي بالكامل. وتتركز استخداماته في رسمه للأهداف العامة، مثل «حل المشاكل التسويقية للشركة» ثم يبدأ في تحديد المهام، ويُنفذها ثم يُبلغ بالنتائج مع قدراته الكبيرة على التكيّف.

الفرق الجوهري بين المفاهيم الثلاثة:

‏- الذكاء الاصطناعي التوليدي: ينتج محتوى لحظي حسب طلب المستخدم، لكنه لا يملك هدفاً أو خطة.

‏- الوكيل الذكي: يُنفـذ مهمة واحدة أو أكثر باستخدام أدوات معينة، لكن ضمن سياق ضيّق.

‏- الذكاء الاصطناعي الذاتي: يُحدد الأهداف ويقسّم العمل، ويستخدم أدوات وذاكرة ذاتية، ويعمل باستقلالية تامة تقريباً.

إن اختيار النوع المناسب من أنظمة الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحدث فارقاً فعلياً في الكفاءة والفاعلية وجودة النتائج والقدرة على التوسّع الذكي المستدام في العمل المؤسسي.