بعد ضرب الولايات المتحدة لثلاث منشآت نووية إيرانية، فإن فرص إعادة المفاوضات بينها وبين إيران أصبحت ضعيفة جداً، خاصة وأن التعويل كان كبيراً على الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل بالذات، ثم إيران لوقف الحرب بينهما.
ولكن الولايات المتحدة كانت غامضة طوال الفترة الماضية، حيث كانت تميل أحياناً لإعادة التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، ثم يتغير الخطاب إلى تهديد وانتقاد ومطالبة إيران بالاستسلام أحياناً أخرى، ثم الانتقال إلى موقف قائم على منح إيران مهلة أسبوعين قبل أن تتدخل أمريكا عسكرياً ضدها، وأخيراً ولا أظنه آخراً، هو ضرب الجيش الأمريكي المنشآت الإيرانية النووية، بعد يومين فقط من الإعلان عن تلك المهلة.
هذا التخبط لا يفيد عملية السلام، ولن يوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من عشرة أيام بين إسرائيل وإيران، اللتين تعيشان يومياً حرب «الكر والفر»، وبعد الهجوم الأمريكي على المنشآت الإيرانية، فإن المفاوضات لم تعد أولوية عند إيران، على الأقل في الفترة القليلة القادمة، ويجب عدم استبعاد أي رد عسكري من إيران على مصالح أمريكية في المنطقة، انتقاماً من ذلك الهجوم الأمريكي.
كان من الجيد لو استبعدت الولايات المتحدة عنصر المفاجأة في ضرب المنشآت النووية، واحترمت المهلة التي قدمتها لإيران وهي أسبوعان، والتي يمكن أن تتطور خلالها الكثير من الأمور، ومنها بذل مساعٍ أكبر لوقف الحرب، وإعلان العودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات، وتغليب النهج الدبلوماسي، وإن لم تفلح كل تلك الأمور عندها قد يكون لأمريكا العذر في ضرب تلك المنشآت النووية الإيرانية.
ولكن رئيس الولايات المتحدة بعد ضرب قوات بلاده للمنشآت الإيرانية، خرج في كلمة مقتضبة ليطالبها بصنع السلام، ولم يذكر كيف تصنع دولة بالكاد تم ضربها عسكرياً للسلام؟ ثم لم يذكر تأثير ضرب تلك المنشآت على سلامة المنطقة، أو ما إذا كانت هناك إشعاعات نووية قد تتسرب من تلك المنشآت بعد ضربها عسكرياً.
إن الولايات المتحدة قد ترفع من حدة الخطر في المنطقة، بعد ضربها للمنشآت النووية الإيرانية، والتي بسبب ذلك ربما تتسع دائرة الحرب، لتشمل ربما أطرافاً أخرى بعدما كانت مقتصرة على طرفين هما إسرائيل وإيران، ولذلك الشأن تبعات خطيرة على المنطقة ومصالح أغلب دول العالم فيها، ومنها الولايات المتحدة نفسها، بمعنى آخر، أن مصالح دول عديدة باتت مهددة، إذا استمرت هذه الحرب، أو اتسعت دائرتها، لذلك فإن المسؤولية تقع على جميع الأطراف المعنية لوقف هذه الحرب فوراً.
