ما جرى البارحة من استهداف النظام الإيراني بصواريخه للشقيقة قطر، وتحديداً قاعدة «العديد» الأمريكية، تطور خطير واعتداء لا يُقبل بشأنه أي تبرير، وأنه مجرد رد فعل عسكري على الضربات الأمريكية لمواقع إيران النووية.

شعوب الخليج العربي لم تكن يوماً داعية لاستهداف الدول وإرهاب الشعوب، وبشأن إيران، كانت دوماً ساعية لمد جسور التعاون والدعوة لحسن الجوار، بل أدانت التطورات العسكرية خوفاً وحرصاً على سلامة الأبرياء من الشعب الإيراني الذين لا ذنب لهم سوى أنهم محسوبون على نظام طالما هدد بلداننا بإرهابه الصريح وعبر وكلائه، وطالما لوح بقدراته النووية بشكل صريح.

نجحت الشقيقة قطر بالتصدي للصواريخ، لكن ما تعرض له أشقاؤنا وشوهد من أجوائنا كدول شقيقة مجاورة، أيضاً يثبت وجود نوايا إيرانية مشابهة لاستهدافنا جميعاً، في أمن أوطاننا وشعوبنا، وهي أمور تؤكد أن نظام الخامنئي لايزال متمسكاً بمشروعه الإقليمي الذي يسعى إلى بسط النفوذ والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

فإذا كانت التدخلات المستمرة في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وما يرافقها من دعم لجماعات خارجة عن القانون، قد شكلت أصلاً دليلاً مستمراً على التوجه الإيراني العدائي، فها نحن نشهد امتداد هذا السلوك إلى قلب الخليج العربي.

هذا التصرف الخطير قد يقوّض كل المبادرات الخليجية التي سعت في السنوات الأخيرة إلى التهدئة والانفتاح تجاه إيران. الصواريخ التي استهدفت قطر لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل كانت رسالة مرفوضة تستهدف السيادة الخليجية بشكل عام، وتتجاهل محاولات بناء علاقات مستقرة مبنية على الاحترام المتبادل.

هنا من غير المنطقي أن يُعامل من يهاجم أراضينا كجار يمكن الوثوق به. هذا الاعتداء يُبرز بوضوح أن النظام الإيراني لا يسعى إلى التعايش أو حسن الجوار، بل يعمل بشكل ممنهج على زعزعة استقرار الإقليم.

وبالنظر إلى تاريخه الطويل من التصعيد والمواجهات، لا يمكن تجاهل خطره على المدى القريب والبعيد.

كما أن المشروع النووي الذي تزعم طهران أنه لأغراض سلمية لا يمكن فصله عن سياستها الخارجية العدوانية، وهذا بالضبط ما أثبتته الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي دعمت به حليفتها إسرائيل لشن الهجمات الصريحة والمباشرة والمدمرة على المنشآت الإيرانية النووية.

إيران عليها إدراك خطورة ما ترتكبه، وأن تتوقف فوراً عن استخدام دول الخليج العربي كساحة لتصفية حساباتها. الخليج العربي بدوله وشعوبه ليس طرفاً في النزاع الأمريكي الإيراني الإسرائيلي، والمنطقة لا تحتمل مزيداً من التوتر، وعليه السبيل الوحيد لتفادي كارثة أوسع هو وقف كل ما يحصل، والالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول، والاحتكام للدبلوماسية كأداة للحل.