بالفعل «فصول مجنونة» في ساعات معدودة، إذ كنا نقرأ عن بوادر لاحتمالية عودة الحوار بعد الضربات الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية، لكن، فجأة تقرر الصواريخ الإيرانية الانطلاق باتجاه الشقيقة قطر!

خرجت طهران مسرعة لتشرح، وبلهجة أقرب إلى السذاجة منها إلى الدبلوماسية، أن المقصود لم يكن قطر، بل قاعدة العديد الأمريكية الواقعة على أراضيها، وكأن الصواريخ تُزود بتقنية التعرف على النية، وتُسلم على المارة قبل أن تنفجر!

الإيرانيون أعلنوا أن القصف تم بستة صواريخ تم اعتراضها جميعاً. وسرعان ما تسربت أنباء بأن القاعدة لم تكن تحتوي على طائرات أصلاً، فقد أُخليت مسبقاً.

في هذه اللحظة، يظهر الرئيس ترامب ليعلن أن «الحرب انتهت»، بل ويشكر طهران لأنها نبهت واشنطن بمكان وموعد القصف!!!

وبينما كان الرئيس الأمريكي يوزع الشكر على طهران وإسرائيل وعموم العالم، كانت وكالات الأنباء الإيرانية تصرخ بوعد جديد عنوانه «الرد لم يأتِ بعد».

ولم يكتفِ المشهد بهذا القدر من الفوضى، فإسرائيل دخلت على الخط بموجة قصف استهدفت طهران، ليخرج ترامب غاضباً مصرحاً بأنه «زعلان» من الطرفين لأنهما «لم يسمعا كلامه»!

تصرّ إيران أن الضربة «ليست موجهة ضد قطر»، وأنها «رمزية» فقط! طيب، وماذا عن الشظايا التي سقطت على شوارع سكنية في الدوحة؟! هل الرمزية تشمل الرعب الذي أصاب الأطفال؟! هل يوجد ما يُسمى بـ«خوف رمزي» أو «ذعر تمثيلي»؟!

يرى بعض المحللين أن الضربة الإيرانية كانت محاولة لحفظ ماء الوجه بعد أن كشفت الضربات الأمريكية والإسرائيلية هشاشة الدفاعات الإيرانية.

حتى لو افترضنا ذلك، وحتى لو سلمنا بأن الضربة كانت رمزية ومتفقاً عليها، يبقى السؤال الأهم: لماذا يصبح الخليج هو خشبة المسرح؟! لماذا تُدار هذه العروض العسكرية فوق رؤوسنا؟! وماذا عن خطأ في الإحداثيات، أو عن صاروخ يقرر أن يُغير مساره، من سيتحمل التبعات حينها؟!

نقولها بوضوح، الخليج العربي، بكل دوله وشعوبه، ليس ملعباً لمنازلات الغير، ولا أجواؤه مساحة لرسائل نارية بين الخصوم.

نحن لا نبحث عن عداوات، ولا نهوى الاصطفاف مع أي طرف. كل ما نطلبه هو أمان مستقر، سلام حقيقي، وحياة بلا إنذارات جوية ولا تفجيرات رمزية.

وإذا كان الرئيس ترامب جاداً في رغبته بإيقاف «الصواريخ المتطايرة في كل اتجاه»، فنأمل أن يجلس الأطراف على طاولة تهدئة وحوار عاجلاً وليس آجلاً، وأن يستأنف ذلك بعيداً عن سمائنا.