تتوارد الأخبار وتكثر حول احتمالية اندلاع مواجهة ثانية بين إسرائيل وإيران، على ذات الأسباب التي اندلعت بسببها المواجهة الأولى قبل نحو شهر، واستمرت لـ12 يوماً، وأعني الملف النووي الإيراني.
يبدو أن إسرائيل مستمرة في نهجها الغوغائي البعيد عن اللغة الدبلوماسية المتحضرة التي تركن إليها الولايات المتحدة، والمتمثلة في إعادة المحادثات بشأن الملف النووي مع إيران، ولكن التصعيد الإسرائيلي قد يحد من «رزانة» الدبلوماسية الأمريكية، في هذا الشأن بالذات، والتي قد تضطر إلى التخلي عنها، في حال نشوب حرب ثانية أو معركة جديدة بين الطرفين، حيث ستميل أمريكا بالتأكيد مع الجانب الإسرائيلي.
وما يصعب الأمر أن ليس إسرائيل وحدها من تتهم إيران بامتلاكها يورانيوم مخصب، وأن قدرتها على التخصيب لا تزال قائمة، بالرغم من استهداف المنشآت النووية الإيرانية الثلاث، وهي منشآت «فوردو» و«نطنز» و«أصفهان»، بل إن فرنسا هي الأخرى دخلت على الخط بقوة، وقالت استخباراتها إن إيران لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم بدرجات أقل بعد الضربات الأمريكية، محذرة من احتمالية استمرار إيران في تطوير برنامج موازٍ بقدرات أقل تخصيباً.
ومع هذا الموقف الفرنسي المتناغم أو الداعم لإسرائيل -حتى ولو بشكل غير مباشر- فإن هذه الأخيرة قد تتجه لافتعال معركة ثانية مع إيران، خاصة وأن موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي، نقل بأن إسرائيل تدرس خيارات هجومية جديدة ضد إيران، في حال مضت الأخيرة بإحياء برنامجها النووي، ولكن في الوقت ذاته فإن إيران صعدت هي الأخرى من لغة التهديد، وأكدت على لسان رئيسها مسعود بزشكيان أن الرد الإيراني على إسرائيل سيكون أكثر «حسماً وإيلاماً»، في حال تكرار ما وصفه بالعدوان الإسرائيلي، بحسب وكالة «ميزان» الإيرانية.
لقد مرت المنطقة مؤخراً بتجربة مريرة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ولكن الوقع قد يكون أشد في حال تكرار هذه المواجهات، لذلك لابد من تغليب النهج الدبلوماسي، والجلوس على طاولة الحوار، وإعادة إحياء المفاوضات الأمريكية الإيرانية، التي لا تزال ظروف إقامتها مبهمة وغير محسومة، ولابد هنا من ردع إسرائيل التي تسعى لعرقلة تلك المفاوضات مجدداً، وإصرارها على التصعيد ضد إيران التي لن تقبل بإعادة المفاوضات في ظل تلك التهديدات الإسرائيلية، لذلك فإن الولايات المتحدة هي المعنية بالدرجة الأولى بتسهيل إعادة تلك المفاوضات، ولجم أفواه بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين لا يرغبون في السلام والاستقرار للمنطقة.