حملت الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأمريكية مؤشرات لمرحلة جديدة في مسيرة العلاقات المتميزة بين البلدين. ففي عالم السياسة، لا تقاس الزيارات بعدد الصور واللقاءات البروتوكولية؛ بل بحجم الأثر المتحقق والذي تُبنى عليه الفصول الجديدة من العلاقات.منذ أكثر من 130 عاماً، تشكلت أولى خيوط العلاقة بين البحرين وأمريكا، خيوط ربطتها القيم المشتركة والرغبة في التعاون، والتي تحولت اليوم، تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، إلى علاقة برؤية عصرية ومسارات جديدة للتكامل والتفاهم.زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن لم تكن للتأكيد على متانة العلاقات التاريخية وعمقها فحسب؛ بل إعلاناً صريحاً عن عبور الشراكة إلى آفاق أكثر عمقاً وتأثيراً، إذ إن الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار لم تكن حدثاً بروتوكولياً بل محطة فارقة، تضمّنت دعوة البحرين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى بناء مظلة أمنية وتنموية مشتركة، مما يؤشر إلى أن البحرين لا تتحدث فقط عن السلام، بل تصنعه.ومن قلب العاصمة الأمريكية، واشنطن، وبخطاب هادئ وحازم، قدّم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء نموذج الدولة التي توازن بين الأمن والازدهار، وتربط الاقتصاد بالدبلوماسية، حيث إن الحزمة الاستثمارية التي بلغت قيمتها 17 مليار دولار لم تكن رقماً اقتصادياً فحسب، بل رسالة ثقة متبادلة وصورة لشراكة لا تُبنى على المصالح المؤقتة بل على استراتيجيات طويلة المدى.اتفاقيات اقتصادية وتعاون مشترك يمثل رغبة حقيقية في تعزيز التعاون والتكامل بين الدولتين؛ طيران الخليج تشتري 18 طائرة من «بوينغ»، وتربط المنامة بنيويورك بخط طيران مباشر، والبحرين توقع اتفاقيات في الطاقة النووية، والتحول الرقمي، والتجارة، وتفتح أبوابها للابتكار والتكنولوجيا.. وكل ذلك يحدث في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات متسارعة، ما يؤشر على الرغبة المشتركة في تكريس الأمن والسلم العالميين والحرص المشترك على مصالح الشعوب ومستقبل المنطقة.لكن الأكثر تميّزاً في وجهة نظري هو التأكيد البحريني على ثبات القيم ورسوخها، فقد جدّدت المملكة خلال الزيارة التزامها بنهج التسامح والتعايش، مؤكدة أن السلام لا يُبنى فقط بالجيوش والاتفاقيات، بل بالإنسان وبالاحترام العميق للتنوع والحوار.خلف كل لقاء رسمي كان هناك إيمان راسخ بأن العالم لا يحتاج فقط إلى تحالفات، بل إلى نماذج، وهو ما نجحت البحرين في تقديمه خلال هذه الزيارة، عبر الحضور كنموذج خليجي متميز يقرأ المستقبل جيداً ويُصرّ على أن تكون له فيه بصمة.هي زيارة رسمت معالم مرحلة جديدة، لا في العلاقات البحرينية الأمريكية فقط، بل في موقع البحرين على الخارطة الدولية، وبين سطورها، قصة قيادة تدرك أن التاريخ لا يكتبه إلا من يصنعه.
قراءة في زيارة سمو ولي العهد رئيس الوزراء لواشنطن
هيفاء عدوان
هيفاء عدوان