جسّدت الزيارة الرسميّة الّتي قام بها صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه اللّه، إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، نقلة نوعيّة في مسار العلاقات البحرينيّة الأمريكيّة، وعكست في مضمونها ونتائجها عمق الصداقة التاريخيّة والشراكة الاستراتيجيّة الّتي تربط البلدين الصديقين، في ظلّ الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه اللّه ورعاه، وبالشراكة مع فخامة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، في صورة تؤكّد مكانة مملكة البحرين كحليف موثوق وشريك فاعل في الساحتين الإقليميّة والدوليّة.
وقد جاءت هذه الزيارة لتعزّز مسيرة تعاون ممتدّة لأكثر من 130 عاماً من التفاهم والاحترام المتبادل، حيث عقد سموّ وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه اللّه، لقاءات رفيعة المستوى مع فخامة الرئيس الأمريكيّ وكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكيّة وعدد من الشخصيّات الاقتصاديّة؛ أثمرت عن نتائج ملموسة شملت إطلاق حزمة استثماريّة نوعيّة تجاوزت قيمتها 17 مليار دولار أمريكيّ، وتضمّنت هذه الحزمة سلسلة من الاتّفاقيّات وإعلانات التعاون في قطاعات حيويّة متعدّدة، من بينها التكنولوجيا والاتّصالات والطيران والصناعات التحويليّة والخدمات الماليّة وغيرها. وتعكس هذه المشاريع حجم الثقة المتبادل بين البلدين واستعدادهما لتوسيع آفاق الشراكة الاقتصاديّة والتنمويّة، إذ أعلنت مثلاً شركة بيون (Beyon) البحرينيّة للاتّصالات عن مشروع كابل بحريّ جديد بطول 800 كيلومتر يربط البحرين بكلّ من السعوديّة والكويت والعراق، في خطوة تعزّز التكامل الإقليميّ في مجال البنية التحتيّة الرقميّة. كما شملت الزيارة توقيع اتّفاقيّة للتعاون في مجال الطاقة النوويّة السلميّة؛ فضلاً عن عدّة مذكّرات تفاهم، وتعاون في مجالات النقل الجوّيّ والتكنولوجيا والصناعة، ممّا يدعم أهداف التنمية المستدامة في البحرين، ويواكب رؤية البلدين المشتركة للنموّ الاقتصاديّ المستدام.
ومن أبرز ما تميّزت به الزيارة، البناء على الاتّفاقيّة الشاملة للتكامل الأمنيّ والازدهار، الّتي تمّ توقيعها في عام 2023، والّتي شكّلت إطاراً شاملاً لتوسيع آفاق التعاون في الجوانب الأمنيّة والدفاعيّة والاقتصاديّة، حيث تمّ خلال الزيارة الإعلان عن انضمام المملكة المتّحدة رسميّاً إلى هذه الاتّفاقيّة، بما يعزّز الجهود متعدّدة الأطراف في حماية الملاحة البحريّة، وأمن الطاقة، والتجارة العالميّة. ويكرّس نهج البحرين في دعم الاستقرار الإقليميّ والسلام العالميّ بالتنسيق مع الحلفاء.
ولم تغفل الزيارة الجانب الإنسانيّ والقيميّ الّذي تتبنّاه مملكة البحرين، حيث أكّدت من جديد على التزام المملكة الراسخ بإعلاء قيم التسامح والتعايش والتآخي بين الشعوب، ونهجها الثابت في تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وهي القيم الّتي لاقت ترحيباً وتقديراً من القيادة الأمريكيّة، في ظلّ توافق الرؤى الدبلوماسيّة بين البلدين في دعم السلام الدوليّ وحلّ النزاعات بالطرق السلميّة، بما في ذلك القضايا الإقليميّة الملحّة، والسعي لوقف الحروب وتحقيق الأمن في مناطق التوتّر.
وفي ضوء ما تحقّق خلال هذه الزيارة المهمّة، يتأكّد أنّ العلاقات بين مملكة البحرين والولايات المتّحدة الأمريكيّة تتّجه نحو آفاق أرحب، مرتكزة على أُسس من الاحترام والتكامل والمصالح المشتركة، وأنّ مملكة البحرين، في ظلّ الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيّده اللّه، وبدعم ومتابعة صاحب السموّ الملكيّ وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه اللّه، ماضية في تعزيز موقعها كركيزة استقرار ونموذج يحتذى به في الانفتاح والشراكة الدوليّين؛ بما يخدم تطلّعات مواطنيها ويعزّز دورها الفاعل في محيطها الإقليميّ والعالميّ.