أياً كانت علاقة الحكام بمواطنيهم قوية وعلى تواصل متكرّر، وأياً كانت أشكال ومراسم لقاءاتهم الرسمية مع المواطنين مجاميع كانوا أو أفراداً، إلا أنها لا تعادل أبداً قيمة وأثر تلك التي تتمّ خارج القصور الملكية، فهذه لها قيمة ومعنى وأثر أكبر وأضعاف مضاعفة عن أيّ تواصل ملتزم بالبروتوكولات، لها أثر اجتماعي ومعنوي وحتى سياسي.أجمل الصور تلك التي تجمع جلالة الملك المعظم حفظه الله مع الناس العادية، أطفالاً كانوا أو كباراً، أجمل اللقطات وأصدقها وأكثرها روعة تلك التي يضع فيها جلالة الملك ذراعه على كتف من يُمسك بالهاتف لالتقاط صورة معه، أو تلك التي يلفّ بها طفلٌ ذراعيه على جلالة الملك بعفوية فيقابله الملك بحضن أوسع وابتسامة أكبر منه ردّاً على الصدق بالصدق في المحبة.دع عنك الدبلوماسية الناعمة التي تؤتي ثمارها دائماً حين يختلط الحاكم بالمواطنين، في لقاءات يتمّ الترتيب لها مسبقاً، فتلك قاعدة عامّة وثابتة، إنما الذي نراه يتخطى الترتيبات البروتوكولية من عفوية وصدق وتلقائية تجعل جلالته لا يتردّد أن ينحني ليصل إلى مستوى الهاتف حين يلتقط الصورة طفلٌ صغير، وتجعله يضمّ الطفل أو الطفلة بحنيّة ورقّة ويترك الطفل على راحته كي يحضنه كما يريحه، وتجعل ابتسامته وضحكته تتناغم مع ابتسامة الطفل.هنا الكلام غير مكتوب، اللقطة غير مرتبة، الحركة عفوية، والأجمل أنها عفوية من الطرفين، من الناس ومن جلالته حفظه الله، بل إن الشعور فعلاً فعلاً متبادَل بالفرحة الغامرة، إذ يمكنك رؤية تفاعل جلالته مع مَن يَجري له ويتدافع للاقتراب منه، إنه يفرح بوصوله بقدر فرحتهم بوصولهم إليه.إن أثر مثل هذه اللقاءات بين جلالته والناس خارج القصور الملكية يكون رصيداً من النوع الفاخر ومخزوناً ثرياً من اللحمة الوطنية، رصيداً خاصاً يفخر فيه الناس أن جلالته كان معهم وجاءهم لمكانهم وشاهدوا فرحته هو بلقائهم التي لا تقلّ عن فرحتهم بلقائه.حتى أبناؤه بدءاً من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والبقية حفظهم الله، دائماً ما تحصد لقاءاتُهم خارج مكاتبهم أيضاً أثراً كبيراً في كل مرّة يلتقون بها بأفراد أو مجاميع من المواطنين، الناس تُركّز على الكلام غير المكتوب وتعدّه التقاطة ثمينة تنشرها وتُعيدها وتكررها وتحفر في الذاكرة أكثر ألف مرة من أي كلمة ملقاة من خلال قراءة ورقة.المحبة نعمة من رب العالمين، ولمسها والشعور بها والتمتع بها والحفاظ عليها مسؤولية كبيرة، وتتجسّد مصداقيتها في تلك المشاهد العفوية التي كلما زادت كلما قَوِيَتْ اللحمة بين الناس والحُكم وتعاضدت وتجدّدت معها البيعة.ملاحظةنشرت إحدى الأمهات صورة لابنتها على «سنابها المُخصّص للعائلة» وهي تصوّر «سلفي» مع جلالته وكتبت تحتها «اللهم احفظه لنا»، ثم حصّنت ابنتها بالدعاء لأنها حظيت بفرصة يتمنّاها الكثيرون، لم يكن كلاماً للعامة أو ليراه الملك أو الناس، كان خاصاً لكنه صادق مخلص من قلب.إنها محبة صافية خالصة جداً جداً جداً لا تُقدّر بثَمَن.