لفت انتباهي خبر نشر في جريدة «الوطن» يوم الأحد الماضي، حول قرار وزير الصناعة والتجارة حظر بيع منتجات «أكياس النيكوتين» أو تقديمها مجاناً لمن هم دون سن الثامنة عشرة، وبما أنني من عديمي الخبرة في هذا النوع من المنتجات، فقد دفعني فضولي للبحث والاستفسار عما تعنيه هذه «الأكياس» التي أصبحت فجأة محل جدل وتنظيم.توجهت إلى صديقي «غوغل» بحثاً عن إجابة، فوجدت أن هذه الأكياس عبارة عن منتجات تحتوي على النيكوتين، لكنها لا تضم التبغ، توضع في الفم، وتقوم بإطلاق النيكوتين تدريجياً عبر الأغشية المخاطية، وقد بدا الأمر غريباً نوعاً ما، وكأنه تطوير تكنولوجي للتدخين الصامت!ومع مزيد من البحث اكتشفت أن ما يسمى بـ«أكياس النيكوتين» تحتوي على نيكوتين صناعي وألياف نباتية ومنكهات ومواد مرطبة، وتسوق على أنها بديل أقل ضرراً للمدخنين، أو حل للمستخدمين الذين لا يستطيعون التدخين في أماكن معينة، ولكن، وبحسب تقارير طبية، فإن لهذه الأكياس أضراراً مؤكدة، لا تقل خطراً عن وسائل النيكوتين الأخرى، بل قد تتفوق عليها من حيث سرعة الإدمان وسهولة الوصول.تشير هذه الدراسات إلى أن الاستخدام المنتظم لأكياس النيكوتين قد يؤدي إلى الإدمان النفسي والجسدي، ويؤثر على القلب والأوعية الدموية، ويسبب تلفًا في أنسجة الفم واللثة، فضلاً عن تأثيره السلبي على الدماغ، لا سيما لدى المراهقين، كما تسجل بعض الأعراض الجانبية مثل الغثيان والدوخة واضطرابات المعدة، إضافة إلى المضاعفات الخطيرة على الحوامل والأجنة.ما سبق ليس إعلاناً أو تحذيراً مبالغاً فيه؛ بل هو محاولة لفهم منتج جديد يتسلل إلى الأسواق، ويهدد فئة الشباب والمراهقين على وجه الخصوص، فكما اجتاحت السيجارة الإلكترونية عالم المراهقين ها نحن اليوم أمام صيغة أخرى من النيكوتين، تقدم في علبة صغيرة، بلا دخان ولا رائحة، ولكن بنفس التأثير وربما أكثر.في البحرين، تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المدخنين يتجاوز 337 ألف شخص، أي نحو 21% من السكان، مع توقعات بانخفاض النسبة إلى 14% بحلول عام 2030، وهي أرقام تعكس تحدياً حقيقياً، لكنها أيضاً تشير إلى وجود وعي وجهود رسمية ومجتمعية حقيقية.لكن يبقى السؤال المفتوح؛ لماذا لا يتم فرض رقابة صارمة على كل هذه المنتجات التي تتسلل إلينا بأسماء براقة ومغلفة بأساليب تسويقية ذكية؟ ولماذا يسمح بإدخال منتجات نعرف جيداً أنها تضر بصحة الأفراد والمجتمع؟ أليس من الأجدى أن نأخذ موقفاً حاسماً يمنع استيراد وترويج هذه «الهبات» المميتة، قبل أن تترسخ وتصبح عادة يصعب التخلص منها؟ربما نحتاج، قبل أي شيء، إلى وقفة حقيقية، ومراجعة جماعية لما نسمح بمروره من بواباتنا تحت اسم «البدائل»، بينما هو في الحقيقة لا يختلف كثيراً عن أصل الداء.
أكياس النيكوتين.. إدمان بلا رائحة
هيفاء عدوان
هيفاء عدوان