هي نصيحة لكل شخص يريد أن ينجح في حياته، أو أن يبدع ويطور في عمله، والأهم أن يعيش حياته بسعادة دون منغصات، نصيحتي أن يستفيد من خبرة الشخصيات القيادية الناجحة، والتي يبرز نجاحها من خلال إنجازاتها العديدة والمستمرة، وتحديداً أن يستفيد من نصائحها وعمق تفكيرها، لأنها تأتي من واقع عملي معاش الذي يبعدها عن التنظير وأساليب التمني.
مؤخراً، جمعني لقاء أعتبره «ثمين جداً» مع مسؤول رفيع، شخصياً أراه يعمل بلا كلل وملل، وبابتسامة دائمة على وجهه رغم الضغوط والتحديات والمسؤوليات، هذه الابتسامة والأريحية التي تتمثل فيه كانت تخلق لدي فضولاً دائماً، إذ كيف يستطيع موازنة كل الأمور، وكيف بمقدروه أن يواصل بكل قوة وكأنه يستمتع فعلياً بما يقوم به.
حينما تشرفت بلقائه، بدأت أكتشف شخصيته أكثر وأحلل طريقة تفكيره، بل وسألته مباشرة عن السر. وهنا تجلى أمامي أحد أهم الدروس الإدارية التي يمكنها أن تغير حياتك، وتصقلك لتكون إدارياً قيادياً قوياً تعمل بجد، بل وتنجز وتحقق ما نظن أنه صعب التحقق.
قال لي بصريح العبارة: كل شخص في هذه الدنيا عاش حياته بتفاصيلها ومحطاتها المختلفة. هذه المحطات تغير فيك الكثير، سواء أكانت محطات جميلة أو أخرى صعبة فيها ألم وتعب. هذه كلها تجارب تأخذ منها الخبرة، تصقلك بقوة، وتجعلك تتعلم من الأخطاء، وتتجاوزها عبر صناعة النجاح.
كلام جميل، وواقعي له شواهد، لكن الأجمل ما قاله بعدها، إذ قال ناصحاً: لا تنسى الماضي وكأنه لم يكن؛ لأنه هو من شكل شخصيتك وأعطاك الخبرة، لكن حذارِ من العيش فيه، حذارِ أن تكون رهينة فيه بإرادتك، فالدنيا تمضي والمتغيرات كثيرة، والإنسان الناجح في كل شيء، في حياته وعمله وتعاملاته، هو الذي ينظر للمستقبل وأهدافه المرصودة، وهو الذي يعيش واقعه وكأنه يبدأ العمل منذ يومه هذا، وكأن يومه يمثل له نقطة انطلاقة متجددة كل صباح. لا تظل رهينة في الماضي، خذ منه التجربة والتعلم، واستخدم كل هذا في تحقيق النجاح الآني، وفي بناء المستقبل الأفضل. هكذا تُبنى الحضارات، وتتطور القطاعات والدول، وهكذا يتحول الأشخاص إلى عناصر مسؤولة وفاعلة.
وختم النصيحة بأجمل قول، إذ قال: تخيل أن كله هذا يأتي بدافع هام جداً، وهو العمل لأجل وطنك وقيادتك ومجتمعك والناس الذين يستحقون كل الخير، هنا العطاء يفترض أن يكون أقوى، والاجتهاد أكبر، ومن يصل للغايات، وينجز هو من عينه دائماً على المستقبل، يعمل لأجل أن يكون أكثر جمالاً وإشراقاً.
مثل هذه النوعية من المسؤولين هي ما نحتاج، من يتعلم من خبراته، ويبدع في يومه الحالي ويصنع المستقبل، ومن يحرص أن يكون وطنه في قلبه، هو همه الأوحد وهو محركه ليبذل المزيد.