وسط أجواء هادئة عقب إغلاق المحلات في أحد المجمعات التجارية، ومع تواجد عدد محدود من الزوار، دوّى صوت استغاثة بطلب الإسعاف، إثر سقوط مفاجئ لأحد الأشخاص كان برفقة ذويه. المشهد أربك الحاضرين، فحالات الطوارئ غالباً ما تضع الجميع أمام اختبار سرعة التصرف.
في ثوانٍ، هرع عدد من مرتادي المجمع للمساعدة؛ البعض بادر بالاتصال بالإسعاف الوطني أكثر من مرة، وآخرون حاولوا تهدئة ذوي المريض وطمأنتهم، بينما تولى رجال الأمن تنظيم الموقف. الدقيقة بدت وكأنها عشر دقائق، خاصة وأن المريض، بحسب إفادة ذويه، لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية سابقة، لكن الحادث ترافق مع تشنجات مفاجئة زادت من القلق.
قبل وصول طاقم الإسعاف الوطني بدقائق، تدخل أحد المسعفين المتواجدين في المجمع، وقدّم الإسعافات الأولية، ثم تسلمت الفرق الطبية الرسمية الحالة، وتم نقلها إلى المستشفى بعد التأكد من استقرارها.
هذه الواقعة أعادت إلى الواجهة سؤالاً مهماً: هل المجمعات التجارية والمرافق العامة مهيأة للتعامل مع الحالات الطارئة؟ وهل يتوفر فيها مسعفون مؤهلون أو عيادات مجهزة بشكل دائم ومتكامل؟ فغياب الخبرة الطبية الأولية لدى العامة ورجال الأمن قد يجعل من أبسط الحالات وضعاً معقداً، وربما خطيراً.
وفي هذا السياق، كانت وزيرة الصحة، الدكتورة جليلة السيد، قد أصدرت الشهر الماضي قراراً يُلزم أصحاب العمل بتوفير أشخاص مؤهلين لتقديم الإسعافات الأولية، وتجهيز أماكن العمل بمعدات ووسائل إسعاف مناسبة، مع مراعاة عدد العاملين وطبيعة المخاطر المحتملة. القرار نص أيضاً على تدريب موظفين محددين بواقع مسعف واحد على الأقل لكل عشرين عاملاً، وتدوين أسمائهم في سجل خاص، إضافة إلى توفير صندوق إسعافات أولية مجهز يسهل الوصول إليه.
ورغم أن القرار يستهدف في الأساس أماكن العمل، إلا أن حادثة المجمع التجاري تبرز الحاجة الملحّة لتعميم هذا الاشتراط ليشمل المراكز التجارية والمرافق العامة، بحيث يكون وجود مسعف مؤهل جزءاً من متطلبات السلامة الأساسية.
فالزمن في المواقف الحرجة لا يُقاس بالدقائق، بل بالأنفاس، ووجود شخص مدرَّب قد يكون الفاصل بين إنقاذ حياة وفقدانها.