انتشر فيديو مؤخراً عبر التيك توك، باللون الأسود والأبيض، وهو يتحدث عن أقصى حرارة ورطوبة شهدتها مملكة البحرين، وكان المعلق في الفيديو يقول أن صيف عام 1962 م كان أحر وأكثر رطوبة من أكثر صيف شهدته البحرين، وأضاف أن معدل الحرارة والرطوبة اليومية قد بلغتا في شهر يوليو وأغسطس أعلى من أي معدل خلال السبعة عشر الماضية من ذلك الوقت حيث كانت درجة الحرارة المسجلة قد بلغت

113 ° ف ( 45° م) ، ولم يوازيها رطوبة مماثلة إلا في عام 1957م.

وبعد التواصل مع إدارة الأرصاد الجوية بوزارة المواصلات والاتصالات، وهي إدارة تمتلك سجلاً متكاملاً للأرصاد الجوية بدءاً من 1901م حتى تاريخه، للتأكد من هذه المعلومة، فقد تبين عدم دقتها؛ فالصحيح أن أكثر درجة حرارة يومية سجلت آنذاك

(1962 م) كانت في شهر يوليو، وكانت 43.9° م وكانت الرطوبة النسبية اليومية القصوى هي 95%، أما في شهر أغسطس فكانت أقصى درجة حرارة يومية مسجلة هي 42.3° م وكانت الرطوبة النسبية اليومية القصوى هي 92%. وبمقارنة ذلك مع ما تم تسجيله في صيف 2025م فكانت أقصى درجة حرارة يومية مسجلة كانت في شهر يونيو ( 45.4° م) ، وكانت الرطوبة النسبية اليومية القصوى المسجلة فيه هي 75%، بينما في شهر يوليو كانت الحرارة اليومية القصوى هي 44°م والرطوبة النسبية القصوى هي 91%، أما في شهر أغسطس، وحتى تاريخ كتابة المقال، فكانت درجة الحرارة القصوى فيه 43.1 °م والرطوبة النسبية اليومية القصوى هي 89%.

ونظراً لأن الحرارة الظاهرية تعتمد على ثلاث عوامل هي درجة الحرارة، والرطوبة النسبية وسرعة الرياح، فإذا زادت درجة الحرارة وزادت الرطوبة وانعدمت الرياح لصارت الحرارة المسوسة أكثر من المسجلة بحوالي

15 ° م، ولو رجعنا إلى عام 1962 م فإن الحرارة الظاهرية القصوى في يوليو هي °115 م، وفي أغسطس 107°م!

وتشير نتائج الأرصاد الجوية أن أعلى درجة حرارة تم تسجيلها في تاريخ البحرين كانت في 13 يوليو 2010 م ( 47.4 °م ) ، وتلاها يوم 21 يونيو 2022 م

(46.6 °م) ثم يوم 9 أغسطس 1993 (45.7°م).

- لماذا الجو خانقاً في البحرين في أغسطس وسبتمبر؟

الجو في البحرين أحياناً يبدو خانقاً في الصيف لأن الحرارة العالية مصحوباً بالرطوبة المرتفعة تؤثر على الجسم بطرق تجعل الإحساس بالحرارة أكبر بكثير من الفعلية، والسبب العلمي يكمن في التالي:

1- دور العرق في تبريد الجسم: إن جسم الإنسان يبرد نفسه عن طريق تبخر العرق من الجلد، فعند الرطوبة المنخفضة (مثل الصحاري الجافة)، يتبخر العرق بسرعة، فيبرد الجسم بكفاءة حتى لو كانت الحرارة عالية، ولكن عند الرطوبة المرتفعة، يكون الهواء مشبعاً تقريباً ببخار الماء، فيتبخر العرق ببطء أو لا يتبخر، فيتراكم العرق وتشعر بالحرارة أكثر.

2- الإحساس الحراري أو الحرارة الظاهرية أو المؤشر الحراري : إن الرطوبة تجعل الجسم يحس بحرارة أكبر من المقياس الفعلي، فمثلاً إذا كانت الحرارة 38° م، والرطوبة النسبية 70%، فإن الإحساس الحراري يمكن أن يصل إلى 55 ° م وأكثر.

3- تأثير الليل: في المناطق الجافة، تهبط الحرارة كثيراً ليلاً لأن الجفاف يسمح بتبريد سريع، وفي البحرين، الرطوبة تحبس الحرارة ليلاً، فتظل الأجواء دافئة ورطبة حتى بعد غروب الشمس، وللأسف هذا يحدث بشدة هذه الأيام، ويزداد بعد طلوع سهيل في 24 أغسطس، ولا تقل الرطوبة إلا في منتصف أوائل أكتوبر.

4- إجهاد الجسم: إن ارتفاع الحرارة والرطوبة معاً يضع عبئاً إضافياً على القلب والجهاز التنفسي، لذلك يشعر الشخص بالإرهاق أسرع. وللأسف، في البحرين يكون بخار الماء الكثيف في الجو معيقاً لتبريد الجسم الطبيعي، مما يجعل الإحساس بالحرارة شديداً وخانقاً مقارنة بالمناطق الجافة، حتى لو كانت درجات الحرارة متقاربة.

* أستاذ الفيزياء التطبيقية

بجامعة الخليج العربي