على الرغم من التفاؤل الذي أظهره الرئيس ترامب بشأن التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا بعد اجتماعه مع الرئيس بوتين؛ ومن ثم رؤوساء الدول الأوروبية بحضور زيلنسكي قبل بضعة أيام، إلا أن هناك عقبات جمة تقف أمام التوصل إلى حلول مرضية للطرفين. لافروف وزير الخارجية الروسي نفسه كان صريحاً بأن أي لقاء يجمع بوتين مع زيلنسكي - حسب رغبة الأمريكان - لن يتم إلا إذا كان اللقاء يحمل أجندة فائقة الأهمية تتطلب تواجد رأس الهرم في روسيا وما عدا ذلك فأية مفاوضات ستتم بين الجانبين بمستوى الوزراء فقط. والمعلوم أن بوتين لا يعترف أصلاً بزيلنكسي رئيساً لأوكرانيا؛ مما يجعل من إقامة قمة ثلاثية تجمعه هو و زيلنسكي وترامب أمراً أقرب إلى أحلام اليقظة..!

ومن ضمن العقبات الصعبة هو المطالبة الروسية بتنازل أوكرانيا عن جميع الأراضي التي استحوذت عليها خلال الحرب الحالية، بالإضافة إلى مساحة واسعة أخرى من الأراضي التي مازالت تحت السيطرة الأوكرانية، وتعتبر أشبه بالقلعة العسكرية المحصنة التي يستخدمها الجيش الأوكراني في الدفاع عن ما تبقى من جنوب أوكرانيا. وهذه المطالبة تعجيزية، وليس من المعقول أن يقبل بها زيلنسكي وحلفاؤه الأوروبيون حتى مع الضغط الأمريكي المتزايد لتقديم تنازلات أوكرانية.

أيضاً، تبقى مسألة الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا من الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبيين لضمان عدم تكرار سيناريو الحرب الحالية مسألة معقدة لا تريد أن تقدم أمريكا فيها ضمانات أكثر من ما تلزمها بها اتفاقية الدفاع المشترك لدول الناتو خلاف الأوروبيين الذين يسعون لتواجد عسكري أوروبي على الأراضي الأوكرانية مع حماية أمريكية عسكرية أيضاً لهذا التواجد. المعضلة أن روسيا تعارض بشدة أي تواجد عسكري دولي داخل أوكرانيا، وتعتبره تهديداً مباشراً لها مما يمنع تحقيق الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا.

لذلك، مهما وصلت درجة التفاؤل المعلنة حول إمكانية الوصول إلى تفاهمات بين الروس والأوروبيين ووقف الحرب القائمة منذ ثلاث سنوات، والتي حصدت أرواح مئات الألوف من الجانبين، فإن الواقع بعيد عن ذلك، ولا يبدو في الأفق أية حلول ممكنة.