فواز العبدالله

دعونا نعود إلى ذلك الماضي القريب، عندما كانت الشوارع والطرق سالكة والحركة المرورية انسيابية والجميع ملتزم بآداب السياقة ومهتمين بالذوق العام، فلا ترى من يسير عكس السير، ولا من يغير من اتجاهه فجأة دون سابق إنذار، ولا وجود لمتجاوزي الإشارات الضوئية، ولا للمركبات ذات الصوت العالي والمزعج، ولا وجود لظاهرة الاستعراضات وإن وجدت فإنها تكون في ساحات معينة ومعروفة، مع العلم بأن الآباء وأولياء الأمور كانوا بالفعل رجالاً يفرضون شخصياتهم على أبنائهم ويقيدون من سلوكهم بناء على التماسك المجتمعي والذوق العام والأخلاق، حتى إن الإشارات المرورية كانت مقدسة حتى في ساعات الفجر اللي تكون من خلالها الحركة المرورية شبه معدومة، تجد اللون الأحمر يحظى بالاحترام ولا وجود لمتجاوزيه.

اليوم إذا أردت أن تقرأ الواقع فاعكس كل ما سبق من سلوكيات، والمسؤول الأول في ذلك هم أولياء الأمور الذين سهلوا حصول أبنائهم على المركبات، وساهموا في استهتارهم بحقوق الطريق وبالأرواح التي تستخدمها، بل وقفوا متفرجين على تجاوز أبنائهم القوانين عبر تزويد محركات مركبات أبنائهم بكل ما هو مخالف للقوانين والأنظمة، بل بات بعضهم يتفاخر بقوة الأصوات الصادرة من مركبات أبنائهم، فأي خير يرجى من أسرة تسير على ذلك النحو وأي خير يرتجى من أولياء أمور على تلك الشاكلة، وأي وطن سيبنى بتلك السواعد المستهترة.

أنا شخصياً لا أحمل الإدارة العامة للمرور اللوم والمسؤولية، فهي صارمة جداً في تلك الجوانب، سواء عبر الفحص الدوري المركبات أو من خلال الدوريات والحملات المرورية، ووزارة الداخلية لم تألوا جهدا في حماية مستخدمي الطريق عبر العديد من الإجراءات المتنوعة ما بين الإرشادية والتثقيفية وما بين القانونية والتأديبية، ولكن تبقى الأسرة، ويبقى ولي الأمر هو المسؤول بالدرجة الأولى وهو من يقع على عاتقه تبعات أي كارثة ناتجة عن تصرفات أبنائه.

هناك جانب مهم أيضاً يجب عدم إغفاله، وهو وجود المعدات الميكانيكية المستوردة التي يستخدمها المخالفون في زيادة قوة مركباتهم وطاقتها، بالإضافة إلى غيرها من المعدات غير القانونية وغير المرخصة التي تباع جهاراً نهاراً، وتلك معضلة لابد من إنهائها والقضاء عليها إذا أردنا حل المشكلة من جذورها.

تبقى كلمة واحدة وهي كلمة شكر وعرفان للقلب الحاني لجلالة ملك البلاد المعظم، الذي أمر جلالته بمتابعة تلك الملفات وحلها حفاظاً على سلامة أبناء الوطن والمقيمين على أرضه وزواره، العود السلوكيات إلى سابق عهدها، ونحمي أبناءنا وأهالينا وأنفسنا من تلك الظاهرة الغريبة على مجتمعنا البحريني.