بعد صدور قانون المرور الجديد أصبح هو الشغل الشاغل للجميع في البحرين وحديث الشارع، وتناولته وسائل التواصل الاجتماعي وتعليقات الناس عليه بين مؤيد ومعارض له، ونحن نقول بأن القانون في الواقع هو محطة مهمة في مسيرة الحياة اليومية بهدف ضمان سلامة المواطنين والمقيمين، ما يجعل من الالتزام بالقوانين المرورية ضرورة ملحة لحماية الأرواح والممتلكات وتحقيق انسيابية الحركة المرورية، وهذا ما حصل في القانون الجديد حيث جاء أكثر صرامة ووضوحاً في التعامل مع المخالفات المرورية، وقد شدد القانون في العقوبات على المخالفات التي تشكل خطراً مباشراً على سلامة الناس، مثل تجاوز السرعة المقررة أو استخدام الهاتف أثناء القيادة أو القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وهذا ما تعيشه يومياً تلقى أسر بأكملها حياتها بسبب شاب متهور متعاطي ينهي حياة أسرة بأكملها في ثواني، لذلك تم تغليظ العقوبات لتكون رادعاً لكل من تسول له نفسه تجاوز القانون.
بلا شك إن القانون هدفه حماية الإنسان وحياته أولاً وأخيراً، وبالتالي الهدف الأسمى هو تعزيز ثقافة الالتزام الطوعي من خلال التوعية والمسؤولية المجتمعية لا أن يتم التركيز على الجانب العقابي فقط، فالهدف الأساس ليس العقوبة في حد ذاتها بل حماية الأرواح قبل كل شيء، ومن هنا فإن نجاح القانون لا يقاس فقط بعدد الغرامات المسجلة، وإنما بانخفاض أعداد الحوادث والإصابات والخسائر البشرية والمادية، لذلك فإن التزام السائقين والمشاة على حد سواء بالقانون يمثل شراكة حقيقية في بناء مجتمع آمن، فالسائق الذي يتقيد بالسرعة المحددة، ويعطي أولوية لعبور المشاة، والمشاة الذين يلتزمون بممراتهم المخصصة يساهمون جميعاً في صياغة مشهد حضاري يعكس وعي المجتمع البحريني المعروف عنه بأنه مجتمع واعٍ وملتزم خصوصاً في الالتزام بقوانين المرور وهذا واقع مقارنة بالسلوكيات في الطريق في بعض دول الجوار لما نشاهده من عدم الالتزام بالقانون والاستهتار الواضح، وهذا ما لا نراه في البحرين بشكل واضح أو كظاهرة منتشرة.
خلاصة القول ومن تجارب كثير من الدول بأن القوانين مهما بلغت دقتها تبقى عاجزة إذا لم يتحول الالتزام بها إلى سلوك يومي نابع من قناعة ووعي، لذلك فإن التحدي اليوم يكمن في ترسيخ ثقافة المرور باعتبارها جزءاً من ثقافة الحياة اليومية لا مجرد خوف من العقوبة، وما القانون الجديد إلا رسالة واضحة من الدولة بأن سلامة الإنسان فوق كل اعتبار وبأنها مسؤولية جماعية تستوجب من الجميع احترام القوانين والأنظمة المرورية ليبقى الطريق آمناً للجميع، فحين نلتزم بالقانون فنحن لا نحمي أنفسنا فقط، بل نصنع درعاً من الأمان لمن حولنا، ومن هنا لابد علينا جميعاً دون استثناء أن نجعل من احترام قانون المرور عادة يومية، فالحياة أغلى من أن تضيع في لحظة تهور على الطريق، فهذا القانون ليس مجرد تشريع ينظم حركة السير، بل هو تعبير عن رؤية وطنية تسعى لحماية الأرواح وتقليل الحوادث وبناء مجتمع أكثر وعياً وتحضراً، فالانضباط المروري يعكس صورة البحرين الحضارية أمام العالم، ويؤكد أن الإنسان هو محور التنمية وغايتها.
همسةالقانون الجديد ليس عقوبة بقدر ما هو أمان، فلنجعل من الالتزام به درعاً يحمي أرواحنا، وليكن احترامه عادة يومية.