نؤمن أشدَّ الإيمان بأن ما يكتبه الله تعالى للمرء هو خيرٌ له في دينه ودنياه وآخرته، فكل مواقف الحياة يدخلها المرء بيقينٍ بأن المولى تعالى سيكون معه، وستصله رسالة ربانية خاصة تجعله يستيقظ من رقاد الحياة، وتنبهه لمعتركـات قادمة، أو تقوده إلى اختيار الأفضل في حياته، بشرط ألّا يكون ارتباطه بالله عز وجل مجرد (أقاويل) بل (أفعال) ملموسة، وبصدق وقرب من الله تعالى.
(الصلاة) هي العلاقة الصادقة والدائمة مع الله عز وجل، وهي أجمل رسالة ربانية من المولى الكريم، فإن أحسنا إقامتها في أوقاتها، وجماعةً في المسجد بالنسبة للرجال، وأحسنا خشوعها وطمأنينتها، كانت لنا طريق مثمر للنجاح والتوفيق في الحياة، وبخاصة صلاة الفجر، ففيها ركعتان خيرٌ من الدنيا وما فيها، وفيها توفيقٌ للعبد في كل يوم من أيام حياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله».
وحريٌّ بشباب اليوم الذين تعلّقوا بانفتاح الحياة وتطور التكنولوجيا، وتعلّقت قلوبهم بالشاشات والغرفات المغلقة، أن يكونوا من روّاد الصف الأول في المساجد، وأن تكون السجدة طمأنينةً لقلوبهم وسكينةً لنفوسهم، يُفرغون فيها أوجاع الحياة وهمومها، ويسألون المولى الحاجات، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. إن دليلكم للتوفيق في الحياة هو قربكم من المولى من خلال محافظتكم على الصلاة، وما أجمل الصلاة.
أما (تلاوة القرآن الكريم) فهي الرسالة الربانية الشاملة للحياة كلِّها؛ الدنيا والآخرة، وهي صلة العبد بربه عندما يُناجيه بآياته البيّنات، ففي كل آية رسالة من المولى الكريم ومنهج حياة للمؤمن. جميلة هي فكرة أن تضع بالقرب منك (قصاصات صغيرة) تكتب فيها كل رسالة ربانية تمرّ عليك عندما ترتل (وردك اليومي)، فهو إحساس عميق بقربك من مولاك. وتخصِّص في غرفتك لوحة خاصة تُعلِّق فيها هذه القصاصات، لحاجتنا الدائمة للتذكير، ولكون الرسالة الربانية إخمادًا لنار الغفلة التي تأكل (إيماننا) وتُضعفه. جميل أن تحافظ على وردك اليومي، وأن تنشغل بإتمامه كل يوم، بدل أن يضيع وقتك في أمور دنيوية تافهة. وجميل أن نرتل القرآن بصوت تتبارك به الأماكن، وجميلة تلك الحلقات القرآنية التي نتدارس فيها القرآن، وأجمل التدارس أن تسمع غيرك يُرتل القرآن في مجلس تحفّه الملائكة، وتغشاه الرحمة، وتنزل عليه السكينة، ويذكره المولى عنده في الملأ الأعلى.
رسالة ربانية نمضي في رحابها مع أذكار الصباح والمساء، والتي كلما بادرنا بترديدها في بداية الصباح وبداية المساء، حلَّت البركة أكثر، ولازمنا التوفيق أكثر، فالخير كل الخير أن تبادر بها في أول وقتها. وفي المقابل، لا تحرم نفسك منها إن أنساك الشيطان، فردِّدها متى ذكرتها، فلعلها تُبعد عنك سوء اللحظات، وتتبارك بها أوقاتك بالتوفيق. اسمعها أو اقرأها، أو اجمع أهلك ومَن تُحب لتتدارسوها، فجميلة هي لحظات الذكر، تجتمع فيها على طاعة الله، وتُذكِّر الآخرين بها. فأذكار الصباح والمساء (برنامج مهم) في يومك لا ينبغي أن يُنسى، وهي رسالة ربانية لنفسك أولًا تقويها، ومن خلالها تذكِّر الآخرين بها. ففيها انشراح الصدر، وطمأنينة النفس، وحفظها من مزالق الشيطان، ومن خلالها ترقي نفسك من وساوس الحياة، ومن شر الشيطان وشركه.
ورسالة ربانية تصلك من مواقف الحياة وتصرفات الآخرين، وفي كل محطة تطأها قدمك، لتخبرك أنك على الخير، وأن بصمتك التي نثرت ورودها قد أثمرت أثرًا فيمن تعاملت معهم بما قدّمت. فالخير لا ينقطع عند مرحلة ما، بل يمتد إلى سنوات أخرى من عمر الإنسان. رسالة تصلك من (كبير في السن) تعرّفت عليه في محطة (الحج) الجميلة، فيبحث عن هاتفك ويتواصل معك، فإذا به (يسأل عنك) وعن أخبارك وأحوالك، لأنك فقط شاركتهم الخير، وذكّرتهم بالله تعالى في أجمل رحلات الحياة. أما ذلك الذي انقطعت عنه بسبب أحوال الحياة، فقد حرص أن يبحث عن اسمك من بين العديد من الأسماء في هاتفه، ليتصل بك ويردد: (أنا سعيد لسماع صوتك، فقد جمعنا معك أجمل اللحظات في سنوات مضت من أعمارنا). إنها رسائل الخير، توقظ فيك روح العطاء، وروح المحبة في الله تعالى، وتجدِّد في قلبك قبل كل شيء (الإيمان)، لأنها كلها دعوات للخير، ودعوات للقرب من المولى الكريم.
ورسالة ربانية تُنبهك من علاقات مسمومة، وأهمية أن تضع حدودًا واضحة في علاقتك بالآخرين، حتى لا تضر نفسك، وتضر قلبك، وتضر حياتك، وتضر سعيك. رسالة تُنبهك من إزعاجات بعض البشر، ومن بعض المواطن التي ينبغي أن تُغلق أبوابها إلى الأبد، وأن تنتبه لنفسك أولًا، وتنتبه لعطاءاتك في الحياة، فهي الأولى بالرعاية من تلك المواطن التي تُهدر فيها الأوقات بلا فائدة مرجوة.
ومضة أملالسعادة كل السعادة أن تبث الرسائل الجميلة إلى كل مَن تُحب، بكلمات تجعلهم يسعدون بلحظاتهم. فهي الأخرى رسالة ربانية ساقها الله تعالى على لسانك، واصطفاك لتكون رسالة خير في حياتهم. فلا تستصغرها، ففيها الخير بإذن الله تعالى.