قبل أيام فقط، اهتزت مدينة المحرق ومعها كل أبناء البحرين على وقع خبرٍ مؤلم؛ فتى لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره فارق الحياة بعدما تناول عبوتين من أحد مشروبات الطاقة الشهيرة، الفتى لم يكن يشكو من مرض، ولم يكن يتوقع أحد أن ساعات من اللعب والسهر ستنتهي بكارثة تبكي عائلة وتفجع المجتمع.
ما جرى لا يمكن أن نعتبره حادثة عابرة، بل يجب أن تكون جرس إنذار ليوقظنا جميعاً، أهالي ومسؤولين ومؤسسات مجتمع مدني، من حالة الاستهانة التي نتعامل بها مع هذه المشروبات الخطيرة، وأن نبدأ تحركاً على مختلف المستويات لحماية أبنائنا من هذه القنابل الموقوتة.
مشروبات الطاقة، بمختلف أنواعها ومسمياتها، يتم التسويق لها على أنها تمنح القوة والنشاط، لكنها في الحقيقة تسرق من أجساد متعاطيها أكثر مما تعطيه، جرعات كبيرة جداً من الكافيين والسكريات والمواد المنبهة تتحول داخل أجسام الأطفال والمراهقين إلى قنابل موقوتة تهدد القلب والأعصاب وتدمر النوم والصحة النفسية، وإذا كان البالغون أنفسهم يعانون من آثارها، حسب العديد من التقارير الطبية، فكيف الحال مع أجساد صغيرة ما زالت في طور النمو؟
ورغم أن القانون البحريني واضح في هذا الموضوع؛ حيث يمنع بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون 18 عاماً، ويفرض غرامات مالية تصل إلى ألفي دينار على المخالفين، لكن السؤال المهم الذي فرض نفسه هنا؛ أين الرقابة؟ من يراقب المحلات الصغيرة و«البرادات» التي تبيع هذه المنتجات بلا مبالاة؟ ومن يحاسب المطاعم والمقاهي التي تتعامل معها كما لو كانت مجرد علبة عصير؟ في الواقع، وحسب ما أراه ويراه كثيرون غيري، أن كثيراً من منافذ البيع لا تطبق القانون، وكأن حياة أبنائنا رخيصة أو أن الربح المتحقق أكثر أهمية من مستقبل شبابنا.
التحرك المطلوب ليس مسؤولية الحكومة وحدها؛ بل هي معركة المجتمع بكافة مؤسساته وأفراده، على الأهل أن يكونوا خط الدفاع الأول، وعلى المدارس أن تعزز الوعي بخطورة هذه المنتجات، وعلى وسائل الإعلام أن تكشف الحقائق بلا مجاملة أو اعتبار للمصالح التجارية، لأن حياة أبنائنا أغلى من أرباح الشركات وأكثر أهمية من كل إعلان يروج لمشروب قد يكون أداة قتل.
وفاة الفتى في المحرق ليست مجرد مأساة عائلية فقط، بل هي نداء للجميع بـأن تشديد الرقابة لم يعد خياراً بل واجباً، ووقف هذا الاستهتار بحياة الشباب ضرورة لا تحتمل التأجيل، كلنا معنيون وكلنا مسؤولون.إضاءة
ما يثير القلق هو ما أشارت إليه دراسة لجامعة البحرين بأن حوالي 16% من البحرينيين، أغلبهم من الشباب بين 15 و24 عاماً، يتناولون مشروبات الطاقة بانتظام، فيما يستهلك حوالي 20% من هذه الفئة مشروبات الطاقة بشكل يومي.