أسطول السفن الذي أُطلق عليه «أسطول كسر الحصار»، قد يكون الآن - ومع نشر هذه السطور-، في طريقه إلى غزة، محملاً بمواد غذائية وإغاثية لأهلها، حيث انطلق هذا الأسطول من ميناء برشلونة، وهو عاقد العزم على كسر الحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على أهالي غزة.

الجميل في هذا الأسطول أنه لا يمثل دولاً خليجية أو عربية أو إسلامية فقط، بل يمثل العديد من دول العالم، ويضم عشرات السفن القادمة من أكثر من 50 دولة، حيث اجتمعت قوافل خليجية، وتركية، وشرق آسيوية، وأوروبية جميعها معاً، وتحت مسميات مختلفة، ولكنها اتفقت على الهدف، وهو إغاثة إخوتنا في غزة، وتحدي السلطات الإسرائيلية، في توافق عالمي نادر، يشكل أكبر تضامن مع الشعب الفلسطيني.

هذا الأسطول العالمي الذي يضم نشطاء لم يجمعهم إلا إنصاف أهلنا في غزة، والوقوف معهم في محنتهم وأوضاعهم الصعبة التي فرضتها عليهم إسرائيل بكل تجبر وتعنت، والتي اعتبرها الآن في موقف صعب، لأن النوايا تجاوزت حد التعبير بالأقوال، إلى الإقدام على الأفعال، وهو بالضبط ما يمثله هذا الأسطول الإغاثي لغزة.

إسرائيل الآن لا تواجه الفلسطينيين أو العرب فقط، بل تواجه العالم أو لنقل أغلبه، ومن يساند إسرائيل يجد نفسه الآن في موقف مُحرج، لأن العالم اجتمع ضدها، فهل يستمر دعمه لها؟ أم سيضطر مُكرهاً إلى الاستجابة لمطالب أسطول الإغاثة العالمي، وبالتالي الضغط على إسرائيل لكسر حصارها، والسماح بإمداد أهل غزة بالمؤن والغذاء والدواء، وذلك من أجل امتصاص غضب النشطاء القادمين من مختلف دول العالم.

لا أعلم حقيقةً كيف سينتهي الأمر بالنسبة لهذا الأسطول العالمي؟ وهل سيحقق أهدافه؟ أم أن إسرائيل قادرة بخبثها المعهود على إفشاله؟ خاصة وأن نجاح مساعي الأسطول يقابله فشل إسرائيل في مساعيها وخططها المتعلقة بتهجير أهالي غزة من أرضهم، وأن استخدامها وسائل شيطانية كسلاح التجويع أيضاً لم ينجح، بعد فشل السلاح التقليدي في الوصول إلى غاية التهجير.

إن رحلة الأسطول العالمي باتجاه غزة لن سهلة، وربما ستواجهها عواصف وأمواج ليست طبيعية فقط، ولكني أعني عواصف من الضغط الإسرائيلي بحجة إرجاعها من حيث انطلقت، وفي اعتقادي أن إسرائيل ستحاول بشتى الطرق منع وصول هذا الأسطول إلى سواحل غزة، وستوزع تُهماً على مُسيريه، كدعم الإرهاب أو التطرف أو تشويه صورة إسرائيل، فهناك العشرات من التهم «الجاهزة» التي تستخدمها إسرائيل ضد كل من لا يدعم مواقفها، ولكن الحق إنها كلها في الأصل حقائق مثبتة ضد إسرائيل، التي دائماً ما تنسل من دائها، وترمي به آخرين، ويبقى الترقب ومراقبة هذا الأسطول هو سيد الموقف، فهل ستنجح مساعيه ويصل بـ«سلام» إلى غزة؟ أم أن هناك مفاجآت ضده ستكسر جهوده؟