لطالما كان البحر مصدر رزق للعديد من الشعوب حول دول العالم، بينما كان أهل البحرين يعتبرونه جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، فارتبطوا به ارتباطاً وثيقاً وكان بمثابة العائل للعديد من الأسر، فمنهم من خاض عبابه ليبحث عن اللؤلؤ ومنهم من اتخذه وسيلة لصيد الأسماك سواء لتوفيرها لأبنائهم أو بغرض المتاجرة به.
هذه حكاية أهل البحرين مع البحر، ومن الطبيعي أن تتأثر هذه المهنة بالحداثة ودخول بعض العمالة الأجنبية على الخط دون وعي أو حتى اكتراث منها بطريقة التعامل مع هذه الثروة القومية، فحَدَثَ ما حدث من تجاوزات ومخالفات ساهمت في تأثر هذه المهنة.
هناك أدركت الدولة عبر مؤسساتها وقنواتها وخاصة عبر الجهة المختصة المتمثلة بالمجلس الأعلى للبيئة على ضرورة تصحيح الأوضاع والمسار، والانتصار للمواطن ليكون هو رقيباً على ثروات وطنه، وهو صاحب العمل أسوة بذاك الزمن الذي كان البحر للمواطن، وهو ما كان عبر القرار الخاص بتنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد البحري التجاري، والذي دخل حيّز النفاذ مع نهاية شهر أغسطس الماضي.
هذا القرار الذي جاء ليؤكد حرص المجلس الأعلى للبيئة على تعزيز قطاع الصيد البحري التجاري، الأمر الذي يضمن استدامة الثروة البحرية وبالتالي الحفاظ على الموارد الطبيعية ودعم الأمن الغذائي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
والأهم من ذلك كله هو انتصار القرار للمواطن البحريني وتحديداً محترفي الصيد، الذين يعتبرونه المهنة الأساسية لهم لإعالة أسرهم.
والكرة الآن في ملعب المواطن، الذي يجب أن يكون قدوة ومساهماً في الحفاظ على الأمن الغذائي وثروات الوطن البحرية عبر التزامه بالأنظمة والقوانين، وقبل ذلك كله التزامه بالضمير الحيّ الذي يجعله رجل الأمن الأول والمُدافع عن ثروات وطنه.
اليوم وعبر قرار المجلس الأعلى للبيئة عاد البحر لأهله، لنطوي صفحة كانت تعجّ بالمخالفات التي تصدّى لها المختصّون. ويُترك الأمر لأهالي البحرين لنشهد عودة حقيقية لتراث ومهن الآباء والأجداد، وليكون الصياد البحريني قدوة للأجيال القادمة كما كان آباؤنا وأجدادنا قدوة لنا.