مع إشراقة كل عام دراسي جديد، تعود بنا الذكريات الجميلة إلى تلك المرحلة التي عشناها في صفوف الدراسة بمراحلها الثلاث، ثم على مقاعد الجامعة، قبل أن نعود بعدها إلى الميدان كمدرسين نغرس القيم والمعرفة في جيل يحمل السعادة والفرح. للمدرسة رونق خاص، وفرحة مميزة في نفوسنا، نستشعرها كلما قرع جرس الصباح إيذاناً ببدء يوم دراسي جديد، يمضي فيه الطلبة والمعلمون ساعات من العطاء العلمي، وساعات من التآخي والمشاركة مع زملاء الدرب.
وعندما أستعيد ذكريات المرحلة الابتدائية، أتذكر البداية في مدرسة أبي عبيدة بن الجراح بالقرب من جامع الشيخ حمد بالمحرق، وجمال الأنشطة المدرسية التي شاركنا فيها. كما أستذكر الأستاذة ليلى عبدالغني، مدرسة الفن رحمها الله، والأستاذة نورة، مدرسة الرياضيات، وغيرهما. ثم انتقلت إلى مدرسة المثنى بن الحارثة الابتدائية القريبة منها، حيث واصلنا العطاء والمشاركة في طابور الصباح، نستمتع بالإنشاد الصباحي، وقد زاملت خلالها سعادة الوزير كمال أحمد، تحت إشراف مديرها الأستاذ أحمد فخرو رحمه الله. وبعد هدم المدرسة انتقلت إلى مدرسة الشيخ محمد بن عيسى الابتدائية في المنطقة نفسها تقريباً، لاستكمال المرحلة الابتدائية. وقد كانت مرحلة زاخرة بالعطاء، من خلال الطابور الصباحي والحفلات المدرسية المليئة بالتمثيليات الطلابية والأنشطة المبدعة، تحت إشراف الأستاذ مصطفى حميد.
أما المرحلة الإعدادية، فكانت في مدرسة عبدالرحمن الناصر الإعدادية، التي ما زالت قائمة بالاسم والمكان نفسه. هناك عشنا مرحلة أخرى من العطاء، بدءاً من قراءة القرآن قبل الطابور الصباحي، مروراً بالأنشطة الرياضية والثقافية بعد الدوام، وصولاً إلى المساهمة في إصدار النشرات الإرشادية للطلبة. أشرف علينا أساتذة أجلاء تركوا فينا أثراً عميقاً، منهم: الأستاذ عبدالرحمن زومان، والأستاذ أحمد الساعاتي رحمه الله، والأستاذ أحمد الأحمد، والأستاذ علي الفحل، والأستاذ خليفة الزياني، والأستاذ حسن المدني رحمه الله، وكان مدير المدرسة آنذاك الأستاذ محمد جميل رحمه الله، كما كان للأستاذ جاسم ربيعة دور بارز بإشرافه على البرامج الطلابية. وقد شاء الله تعالى أن ألتقي به لاحقاً زميلاً في سلك التعليم بمدرسة البسيتين الابتدائية للبنين.
وفي المرحلة الثانوية، كانت محطة الهداية الخليفية الثانوية، تحت إشراف المدير القدير الأستاذ محمد عبدالملك. هناك بلغتُ أوج مراحل العطاء والتأثير، من خلال برامج الطابور الصباحي، وإصدار المجلات التربوية الدورية، وأبرزها مجلة الإشراق. كما لا أنسى نخبة من المدرسين المميزين الذين تركوا بصمات واضحة في مسيرتنا، منهم: عبدالرحمن الكوهجي، محمد عبدالرحيم، محمد الماجد رحمه الله، الشيخ علي مطر، أحمد الشوادفي، صلاح حسن، خميس علي، بسام الخطيب، فؤاد السراج، فؤاد مطر، خليل شحاتة، حافظ برهوم، عز الدين شناعة، وغيرهم، جزاهم الله عنا خير الجزاء.
ثم جاءت المحطة الجديدة من الذكريات المدرسية، حيث عدت إلى المرحلة الابتدائية، لكن هذه المرة كمدرس (نظام معلم فصل) بمدرسة البسيتين الابتدائية للبنين. وأشرفت حينها على أول جيل جميل تخرج على يدي لمدة ثلاث سنوات، وهو جيل 1990، الذي أفخر به كلما التقيت بأفراده اليوم. كانت تلك فترة ذهبية، لم يكن فيها وجود لوسائل التواصل أو الهواتف الذكية، ومع ذلك استثمرنا كل الوسائل التربوية والتعليمية المتاحة. لم أكن ميالاً إلى الروتين التعليمي، بل سعيت دائماً إلى الابتكار خارج إطار المنهج، وهي أفكار ما زلت أفخر بها وألمس أثرها في الطلبة. وقد زاملت خلالها عدداً من المدرسين المتميزين، وتعلمت منهم الكثير، ومن بينهم المدراء: عبدالله الماجد، وجاسم صويلح رحمه الله، وخليفة قاسم رحمه الله، وتوفيق بخيت. ومن المدرسين: محمود عبدالغفار، إبراهيم الخزامي، علي بودهيش، عبدالله المانع، محمد أحمد، جمال ربيعة، فؤاد سلمان، جاسم ربيعة، وغيرهم.
لقد كانت محطة مدرسة البسيتين الابتدائية للبنين محطة عزيزة على قلبي، قضيت فيها سبع سنوات حافلة بالفخر والاعتزاز والعطاء. لم تكن مقتصرة على الصف الدراسي، بل كنا كأننا أسرة واحدة، نتلذذ بالأنشطة المدرسية المتنوعة والاحتفالات الوطنية، التي كان لها وقع جميل في نفوسنا جميعاً. تعلّمت الكثير من زملائي الأساتذة أصحاب الخبرة، خاصة في جلسات غرفة المدرسين وأوقات الاستراحة. كما أن الأنشطة الصفية المبتكرة التي ربطتها بشخصيات افتراضية لأغراض تربوية وتعليمية، ما زالت حاضرة في ذاكرتي وذاكرة الطلبة. كانت علاقتي مع تلاميذي أشبه بعلاقة والد بأبنائه أو أخ كبير بإخوته الصغار، فجعلنا من الصف بيئة تعليمية وأسرية مميزة، لا تحكمها قيود الجرس المدرسي، بل تحفها روح العطاء والأنشطة والرحلات المدرسية الجميلة.
ومضة أملاللهم اجزِ خير الجزاء كل معلمينا الذين علمونا في مختلف مراحل دراستنا، فمن كان منهم حياً فبارك في عمره وأمده بالصحة والعافية، ومن توفي منهم فارحمه رحمة واسعة، ونوِّر قبره، وارفع درجتهم عندك بما علمونا من علم وأثر نافع.