البحرين جزيرة يُحيط بها البحر من كل الجهات، ويشكّل البحر مورداً غنياً، فمنه يستخرج اللؤلؤ ومنه يستخرج الغذاء، فأهل البحرين يعتمدون على البحر كمصدر للحصول على الغذاء، كالأسماك بأنواعها، والروبيان وغيرها، وهما من أهم أنواع المواد الغذائية البحرية التي يعتمد عليها أهل البحرين، تليهما أنواع أخرى كالخثاق، والقباقب، والقواقع، وهذه الأغذية يصطادها الصيادون من عمق مياه البحر اعتماداً على الإبحار في عرض البحر باستخدام سفن الصيد، كالطراد والبانوش. وتُعتبر مهنة الصيد من المهن المهمة في البحرين، لذا فإن أصحاب هذه المهنة يحصلون على دعم ومساندة من الجهات المختصة في مملكة البحرين، كما تجد أن الجهات المختصة على تواصل مع أصحاب هذه المهنة لمعرفة المستجدات والمتغيرات والتحديات التي يواجهونها في مجال عملهم لتقديم الدعم والمساندة لهم.

ولقد علت أصوات الصيادين في الفترة الأخيرة مطالبين بالحد من تصرفات بعض مرتادي البحر التي تضر بمهنة الصيد، حيث تمادى بعض العمالة الأجنبية في استخدام موارد البحر، ومن هنا صدر القرار رقم (4) لسنة 2025 بتنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد البحري التجاري، والذي دخل حيّز النفاذ يوم الخميس الموافق 28 أغسطس الماضي، بعد مضي ستة أشهر على صدوره، ليُصبح ملزماً لجميع الصيادين المسجلين في مملكة البحرين. وقد تضمّن القرار العديد من المواد التي تنظّم مهنة الصيد، ونسلّط الضوء هنا على المادة التي تنظّم أعداد فريق العمل على متن سفينة الصيد وجنسياتهم، حيث نص القرار على أن يكون مقدم الطلب بحرينياً ويبلغ 18 عاماً أو أكثر. يحدد القرار مدة الترخيص بسنة قابلة للتجديد، ويشترط أن يكون شخصياً ولا يُمكن نقله أو التنازل عنه. كما يضع القرار ضوابط على عدد أفراد الطاقم البحري المسجلين بناءً على طول السفينة، ويُحدد الحد الأقصى لعدد الصيادين البحرينيين والعمالة المساندة.

وقد عبّر العديد من النواخذة «ربابنة سفن الصيد» عن رأيهم حول هذا القرار، فيرى النوخذة محمد الدخيل رئيس جمعية قلالي للصيادين، وصاحب مجلس الدخيل بقلالي: أن هذا القرار يقدّم الدعم للبحرينيين، فلقد كانت فرق العمل على متن سفن الصيد غالبيتها من العمالة الآسيوية وتصدر منهم تصرفات جائرة في الصيد بحيث يضرّ بالحياة البحرية والثروة السمكية، وقد جاء القرار لينظّم هذا الأمر، ويحمي حقوق النوخذة والصياد البحريني من الاستغلال، فسيشرف النوخذة البحريني بنفسه على عمليات الصيد، وتكون له الصلاحية، كما أن القرار يحظر تأجير الرخصة للآخرين، فقد كان البعض يؤجر الرخصة ويُساء استخدامها.

ويقول النوخذة حسن البرهامة: ترعرعت منذ طفولتي في البحر، حيث تعلّمت أنا وإخوتي منذ صغرنا فنون مهنة الصيد والإبحار من والدي، وهي مهنة وتوارثناها أباً عن جد، جيلاً بعد جيل. لقد تعددت التشريعات التي صدرت لتنظيم مهنة الصيد، ومنها تلك التي سمحت لنا بالتسجيل في التأمينات الاجتماعية، مما يحقق لنا الشعور بالأمان عند الكبر بالحصول على راتب تقاعدي. ويُعتبر القرار رقم (4) لسنة 2025 المتعلق بتنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد البحري التجاري، من التشريعات التي تنظّم مهنة الصيد وتعزّز البحرنة في هذا القطاع، فعندما اشترط القرار أن منح رخص للبحرينيين فقط، وألزم النوخذة بفتح فرص للشباب البحريني، وأن يكون فريق العمل على متن السفينة بحرينيين، فإن هذا القرار يفتح فرص عمل للشباب البحريني، وفي تقديري أن فرص العمل التي سيضيفها هذا القرار لسوق العمل تصل لأكثر من ألف فرصة عمل، مما يُسهم في التخفيف من البطالة في سوق العمل. ويتمنى البرهامة دعم تمكين للشباب الذين سيكونون ضمن فريق العمل على متن سفن الصيد، على غرار تجربة دعم تمكين للموظفين بالشركات، كما يتمنى إلزام النوخذة بتسجيل الشباب الذين يشاركون النوخذة في الإبحار، في التأمينات الاجتماعية، ليؤمّن الحصول على معاش تقاعدي.

ويرى النوخذة خالد بن سلمان بن عجلان، وهو ناشط اجتماعي في مجال الصيد وصاحب حساب إنستغرام نشط يشرح من خلاله مهنة الصيد ويعبّر عن آراء واحتياجات الصيادين فيقول: إن تجديد الرخص سنوياً كان سهلاً وميسراً بدعم من إدارة الموانئ، حيث كانت أبواب المسؤولين مفتوحة للبحارة لتسهيل إجراءاتهم، وعموماً فإن تجديد الترخيص بات أكثر تسهيلاً وتيسيراً، فقد أصبح تجديد التسجيل إلكترونياً (أون لاين) مما وفّر على البحارة والنواخذة الحاجة لمراجعة الجهات ذات العلاقة للتجديد. ويقترح عجلان زيادة عدد البحارة المجازين على متن السفينة الواحدة لسد احتياجات العمل أثناء عملية الصيد، مما يزيد فرص العمل للشباب البحرينيين.

وإنني لأتفق مع طرح النواخذة بأن هذا القرار لصالح بحرنة مهنة الصيد البحري في مملكة البحرين، فهو يفتح فرص عمل للبحريني، ويعزّز فرص الاستثمار والتجارة في قطاع الثروة السمكية للبحرينيين. وأتمنى إصدار رخص خاصة لجميع أفراد الطاقم على السفينة ليدل على أن لديه خبرة في العمل في مهنة الصيد.. ودمتم سالمين.