ما حدث للشقيقة قطر لا يمكن عنونته إلا بمؤامرة غدر وتلاعب سياسي قذر ومؤامرة آثمة وخيانة شنيعة لا تغتفر فالضربات الإسرائيلية التي جاءت لاستهداف قيادات حماس في الدوحة من قبل 15 طائرة إسرائيلية مقاتلة، وأسفرت عن استشهاد المواطن القطري بدر سعد الدوسري رحمه الله وتصفية 5 آخرون من مكتب حماس، والتي لم تكشفها الرادارات يعكس مدى التعنت الإسرائيلي والمراوغات الأمريكية الإسرائيلية في التعامل مع الحلفاء والشركاء في المنطقة إلى جانب القفز على القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كما أنه يوضح أن إسرائيل تتجه نحو التصعيد الأمني والعسكري بالمنطقة.

وأمام اعلان رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني استضافة الدوحة لقمة عربية إسلامية طارئة غداً الأحد والاثنين لبحث الهجوم الإسرائيلي، فإن المتوقع من مسار مخرجات هذه القمة ما يزال ضبابياً وغير واضح المعالم حتى الآن وسط ترقب إقليمي ودولي لنتائج القمة وتأثيراتها المحتملة على المنطقة إلا أن الخطوط العريضة تؤكد أن هناك تحركاً قطرياً عربياً إسلامياً جاداً لإيصال رسالة حازمة أن قطر كدولة ذات سيادة، وهذا خط أحمر، وأن هناك موقفاً عربياً إسلامياً موحداً سيعيد النظر في مسألة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والتطبيع مع إسرائيل والعديد من الملفات العربية الإسلامية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، كما أن القمة ستعيد ترتيب المسار فيما يخص منهجية التعامل مع التجاوزات الإسرائيلية في المنطقة التي تقود إلى تفاقم الأمور، وأن قطر تدرس مع شركائها في المنطقة خيارات كيفية الرد على الهجوم الإسرائيلي على قطر ضمن مشاورات عربية وإسلامية علماً بأن مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعاً طارئاً يوم الخميس الماضي 11 سبتمبر حول الوضع في الشرق الأوسط لبحث الهجوم الإسرائيلي على قطر بمشاركة رئيس وزراء دولة قطر ووزير خارجيتها ووصف الهجوم بأنه صدمة للعالم محذراً من أن هذا الهجوم قد يفتح فصلاً جديداً وخطيراً في الصراع المدمر الجاري

وإن كانت إسرائيل تبرر أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت اغتيال قادة حماس في الدوحة قد وقعت كرد انتقامي على ما يسمى بعملية القدس التي أدت إلى مقتل 6 إسرائيليين وجرح 15 من المدنيين، فإن هذا الانتهاك الصارخ لسيادة قطر يعكس أن هناك إعلان حرب شاملة من قبل إسرائيل بدلاً من الحل الدبلوماسي ولغة الحوار والمفاوضات وأن إسرائيل لديها مشروع سياسي وعسكري تود فرضه بالقوة على الجميع وأنها ليست في ذات اتجاه العالم نحو دعم عملية السلام في المنطقة وسلوكياتها تعكس أنها ضد إيجاد تسوية سياسية عادلة.وأمام توارد أنباء أن إسرائيل كانت بالأصل تخطط منذ أكثر من شهرين لاستهداف قادة حماس في الدوحة لا سيما وأن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير قد صرح في 1 سبتمبر متوعداً بتصفية قيادات حماس في الخارج وأن الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل هجومي إلى جانب توارد معلومات عن وجود انقسامات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن اختيار التوقيت للهجوم أمام تعقد ملف تبادل الأسرى والمحتجزين وزيادة ضغوط أهالي المحتجزين الإسرائيليين، فإن هناك ما يمكن لنا أيضاً تفسيره بشأن التوقيت الذي وقع فيه الهجوم، وان كانت إسرائيل تريد من خلال اختيار توقيت هذا الهجوم ضرب أكثر من عصفور بحجر وإيصال رسالة حازمة بشكل مسبق تزامناً مع اقتراب الذكرى الثالثة لطوفان الأقصى 7 أكتوبر، وتوقع حصول توتر وانعكاسات أمنية وتصعيد فلسطيني عسكري وضغوط عربية وإقليمية بأنها ستستخدم الخيار العسكري دائماً، ولن تلتزم بأي قانون تجاه تحركات «حماس» في الداخل الفلسطيني خلال الفترة الأمنية الحساسة القادمة.

لابد من الانتباه أيضاً إلى حراك الدوحة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الغادر بتكليف لجنة قانونية لبحث الإجراءات اللازمة ومتابعة تنفيذها لرفع المسألة داخل أروقة الأمم المتحدة وأمام مجلس الأمن الدولي وتأكيدها في الوقت ذاته استمرار وساطتها على الحرب في غزة، رغم وجود تكهنات سياسية أن سلوكيات إسرائيل الأخيرة ستزيد الأمور تعقيداً وسوءاً فيما يخص مفاوضات كل من الدوحة وتل أبيب من جهة ومفاوضات قيادات حماس مع إسرائيل من جهة أخرى؛ مما يزيد من ضبابية المشهد ومدى انعكاسات كل ذلك على الوضع الأمني والعسكري القادم للمنطقة. ‏الواضح لنا اليوم أن هناك ضرورة ملحة يستدعيها الموقف القطري لإيجاد تضامن عربي قومي حازم يدعم الموقف السيادي لدولة قطر كدولة عربية مستقلة انتهكت أجواؤها الجوية باعتداءات عسكرية آثمة فما حدث في قطر لا يمكن اعتباره شأناً داخلياً أو حدثاً عابراً بل هو ضربة في عمق البيت الخليجي بأسره كما أن المنطقة الخليجية والعربية تعيش اليوم لحظة تاريخية فارقة في إما أن يكون الرد العربي على قدر حجم التحدي، حتى لا تتكرر سلوكيات إسرائيل العدوانية أو أن يترك المجال لسابقة خطيرة تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها فالتعدي الجوي على قطر ينذرنا بأن هناك من لا يود إحلال عملية السلام في المنطقة، بل تصعيد الأمور وإشاعة لغة الفوضى والعنف والتجاوزات القانونية والعسكرية للأعراف والمواثيق الدولية وقطر بوزارة خارجيتها وهي تتحرك اليوم بثقة ووضوح تذكر أن التاريخ لا يرحم المتخاذلين أمام انتهاك السيادة والكرامة الوطنية فنحن في النهاية شعب واحد وكيان واحد وامتداد واحد وأمن قطر جزء لا يتجزأ من أمن دول الخليج العربي.

‏إحساس عابر

الشهيد القطري بدر سعد الدوسري رحمه الله هو شهيد بحريني وشهيد سعودي وشهيد إماراتي وشهيد كويتي وشهيد عماني وهو شهيد خليجي عربي استهدف في لحمة جسدنا الواحد ودمه الطاهر يسري في عروقنا جميعاً وحق دمه حقنا كلنا واستشهاده رحمه الله يذكرنا أن مصيرنا مشترك، وأن أمننا لا يتجزأ وأن المطالبة بحق دمه هو قضية خليجية عربية لا قضية قطرية الشأن.