حادث الحريق الذي وقع في مستشفى السلمانية كان مفاجئاً، ولم يكن بالحسبان. ولكن الطريقة التي تعاملت بها الطواقم الطبية والتمريضية، إلى جانب المسؤولين، أظهرت أن هذه الفئة مدرّبة على مثل هذه الحالات، وكأن مثل هذه الحوادث متوقعة دائماً. فقد تميزت الكوادر بسرعة البديهة في التعامل مع الحريق، ونجحت في تنفيذ عمليات الإخلاء ونقل المرضى بسرعة وفعالية. وهذه كلها نقاط تُحسب لهم، فالحمد لله لم تُسجّل أي إصابات بليغة، واقتصرت الأضرار على جناح واحد فقط، بما فيه من معدات وأدوات، كما ظهر بوضوح في مقاطع الفيديو المتداولة. وهذه الأضرار — ولله الحمد — يمكن تعويضها.

لكن هذا الحادث يفتح الباب للتساؤل: كيف وقعت الحادثة؟

تشير المعلومات الأولية إلى أن الحريق تسبّب فيه أحد المرضى، ويُقال إن سجله الجنائي يتضمن سوابق في تعاطي المخدرات، إضافة إلى محاولات متكررة لإيذاء نفسه. ويبدو أن هذه المرة تخطى الأذى حدود شخصه، ليُعرّض حياة الآخرين للخطر.

لسنا في هذا المقال بصدد تحليل حالته النفسية، فهذا أمر تختص به الجهات المعنية، ولكن من حقنا أن نتساءل:

كيف نشب الحريق؟

من أين حصل على الأداة التي تسببت في اشتعال النيران؟

ورغم أن الحادث كان محدوداً من حيث الانتشار، إلا أن موقعه هو ما يجعله أكثر خطورة، مستشفى يضم عدداً كبيراً من المرضى، وليس موقعاً صغيراً أو معزولاً.

هنا يبرز سؤال مهم:

ما الإجراءات المتبعة مع هذا النوع من المرضى؟

لا أحد ينكر أن دخول المستشفى حق مكفول لكل فرد، وهذا أمر لا خلاف عليه، لكن من غير المنطقي أن تُطبق عليهم نفس الإجراءات التي تُطبق على باقي المرضى. كان من المفترض أن تكون هناك قاعدة بيانات متكاملة تتضمن جميع التفاصيل عن المريض، بما في ذلك حالته النفسية، ليتم التعامل معه وفق هذه المعطيات.

مستشفى السلمانية هو المستشفى الرئيسي في البحرين، ويقدّم خدماته للمواطنين والمقيمين على حد سواء، ولهذا من الضروري تشديد الرقابة، وتحديث الإجراءات بشكل مستمر لضمان سلامة الجميع. لا يجب أن ننتظر حريقاً أكبر، أو كارثة أعظم، حتى نتحرّك.

هذا الحادث يجب أن يكون فرصة للمراجعة الشاملة، والتقييم الجاد، قبل أن نفقد ما لا يمكن تعويضه.