في لحظات الألم يسطع الأمل، وفي مواجهة قسوة المرض ينهض الإنسان بقلبه قبل يده.

مبادرة «ابتسامة» التابعة لـ«جمعية المستقبل الشبابية» رأيتها وكأنها قصة حب إنساني تُكتب على وجوه الأطفال مرضى السرطان، لتؤكد أن البحرين بلد يحتضن أبناءه ويحيطهم برعاية وحنان.

مؤخراً أقامت هذه الجمعية النشطة حملة «أطفالنا كالذهب»، جسّدت فيها القلوب شريطة ذهبية من الأمل، رسمها الأطفال مع الفنان المبدع عباس الموسوي، ليعلنوا للعالم أن السرطان لا يستطيع أن يسلبهم قدرتهم على الإبداع ولا حقهم في الفرح.

جميل أن ترى يد فنان تمتد لتتشابك مع أيدي الأطفال، فتخرج لوحة لا تحمل ألواناً فقط، بل تحمل حياة كاملة. لقد كانت تلك اللوحة مرآةً لأرواحهم النقية، وصوتاً صامتاً يقول: «نحن هنا، نحن أقوياء، والمجتمع معنا». تلك اللحظات لم تزرع البهجة في قلوب الأطفال وحدهم، بل في قلوب كل من شاهد وشارك، لتصبح الرسالة أوضح، الحب أقوى من الألم.

الشراكات التي رافقت هذه المبادرة دليل على أن الخير متجذر في النفوس. لم تكن مجرد هدايا للأطفال، كانت رسائل محبة تقول لهم أنتم لستم وحدكم، أنتم جزء من هذا العالم، ونحن معكم في رحلتكم الصعبة. إنها لحظة يذوب فيها الحاجز بين الربح والإنسانية، ويتحوّل فيها العمل التجاري إلى فعل إنساني نبيل.

رائع أن نعيش في مجتمع يعرف أن الطفل المريض لا يحتاج فقط إلى الدواء، بل إلى كلمة حانية، ولمسة صادقة، ونظرة حب تمنحه الثقة بأن حياته تستحق أن تُعاش. مبادرة «ابتسامة» لم تمنح هؤلاء الأطفال مجرد لحظات ترفيه، بل منحتهم يقيناً بأنهم محبوبون، وأن المجتمع يراهم ويهتم بهم ويسعى لشفائهم بشتى الطرق.

مبادرة تقول لنا جميعاً إن الإنسانية هي أثمن ما يمكن أن نحمله في قلوبنا. في كل ابتسامة يرسمها طفل مريض، هناك انتصار على المرض، وفي كل دمعة فرح تُذرف من عين أم أو أب، هناك شهادة بأن المجتمع مازال قادراً على الحب.

اتجاه معاكس

لا يمكن الحديث عن هذه المبادرة دون الإشادة بدور جمعية المستقبل الشبابية التي أثبتت قدرتها على ابتكار مبادرات متجددة، تعكس فهماً عميقاً لاحتياجات الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. رئيس مجلس إدارتها، السيد صباح عبدالرحمن الزياني، أكد أن الحملة ستواصل الانتشار في المجمعات والمستشفيات والمراكز الصحية، لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة. هذا التوجه يعكس إصرار الجمعية على ترسيخ ثقافة الوعي بسرطان الأطفال وأهمية الكشف المبكر، بالتوازي مع الرعاية المعنوية والنفسية. فشكراً لجهودهم.