في مسيرة الأمم، توجد قرارات لا تُقاس بأرقامها فقط، بل بروحها التي تعبر عن فلسفة حكم ورؤية مستقبل. والقرار الذي أصدره صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بتوجيه وزارة العمل لعرض 3 فرص وظيفية لكل باحث عن عمل، هو من هذه القرارات التي تحمل في طياتها رسالة أعمق من مجرد توفير وظائف.

هذا القرار الذي لم يأتِ من فراغ، هو حلقة في سلسلة متصلة الحلقات من الرعاية والاهتمام. سلسلة يمسك بطرفها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الذي جعل المواطن «غاية التنمية وهدفها الأسمى» فالتوجيه هو ترجمة عملية لتلك الرؤية الملكية الثاقبة، وتحويلها من شعارٍ نبيل إلى إجراء ملموس يلامس حياة الآلاف من أبناء البحرين الطامحين إلى بناء مستقبلهم.

وليس هذا القرار بمنأى عن سلسلة أخرى، هي سلسلة التاريخ العريق للبحريني الذي «عُرف بالجد والاجتهاد»، كما أشار سمو ولي العهد، إنه امتداد لإرث من الإتقان، من مهنة الغوص الشاقة إلى قيادة أحدث قطاعات التقنية والمال. هذا التوجيه، إذن، ليس منحة، بل هو استثمار في رأس مال بشري قدير قدم نفسه على مدار التاريخ كشريك حقيقي في كل محطة تنموية.

إن توفير ثلاثة خيارات للباحث عن عمل هو فتح لقنوات اتصال أوسع بين طاقات المواطن وفرص القطاع الخاص، مما يعزز مناخ الاستثمار ويجعله أكثر جذبا بوجود كفاءات بحرينية قادرة على قيادة دفته.

إن هذا التوجيه من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يضع لبنة أساسية في سلسلة مستقبل البحرين المزدهر، إنه استثمار في الاستقرار الاجتماعي، وفي بناء طبقة وسطى قوية، وفي تمكين الشباب الذين هم عماد الغد. عندما يضمن سمو ولي العهد لكل شاب وفتاة فرصة للاختيار وليس فقط فرصة للعمل، فهو يزرع بذور الثقة والإبداع، ويؤسس لاقتصاد معرفي قائم على الكفاءة والتنافسية.

بالقطع، القرار هو عهد جديد في علاقة المواطن بسوق العمل، علاقة تقوم على التعددية والاختيار والشراكة وأن البحرين، برؤية قيادتها الحكيمة، لا تزال تحافظ على العقد الاجتماعي الأصيل بين الحاكم والمواطن، حيث تتحول التحديات إلى فرص، والطموحات إلى إنجازات، وهو تأكيد على أن «فريق البحرين» ليس شعارًا، بل هو حقيقة تتحقق على أرض الواقع، خطوة بخطوة، وفرصة وظيفية بعد أخرى، نحو مستقبل أكثر إشراقاً للوطن والمواطن.