الوطنية ليست كلمات تُردد ولا شعارات تُرفع، بل شعور عميق يسكن القلب، ويتجلى في المواقف قبل الأقوال.
هي التزام راسخ بالانتماء والوفاء، واستعداد دائم للتضحية في سبيل الوطن الذي منحنا الأمن والهوية والكرامة.
إنها ليست حالة مؤقتة أو انفعالاً لحظياً، بل منظومة من القيم تُترجم إلى سلوك يومي وممارسة عملية في جميع مناحي الحياة.
الوطنية الحقيقية حين يفهم المواطن أن الانتماء ليس ميزة تُمنح، بل مسؤولية يتحملها، وأن ما يقدمه من جهد وإخلاص هو أساس لما يناله من حقوق وفرص.
فالعلاقة بين المواطن ووطنه تقوم على توازن دقيق بين الالتزام والامتياز، حيث لا يمكن أن تتحقق العدالة دون أداء الواجبات. وعندما يرسخ هذا الفهم، يصبح الوطن في أيدٍ مخلصة قادرة على الإعمار والتقدم.
من أروع صور الوطنية ما نراه في ترابط أبناء الوطن، وتآزرهم خلف قيادتهم، فهذا التماسك هو الدرع الذي يحمي المجتمعات، ويمنحها القدرة على الثبات في وجه التحديات.
فبناء الأوطان لا يتم بالتمنيات، بل بتلاحم الجهود، وتوحيد الرؤى، والإيمان المشترك بالمستقبل. وما من أمة ازدهرت واستقرت إلا وكان شعبها متمسكاً بهويته، وملتفاً حول قادته، يعمل بإخلاص دون ضجيج.
وفي مملكة البحرين، تتجسد قيم الوطنية بأجلى صورها من خلال القيادة الحكيمة التي يحرص على نهجها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
حيث تتجسد الوطنية في رؤى تنموية متكاملة، تضع المواطن في صميم الاهتمام، وتُوازن بين الحقوق والمسؤوليات، بما يعزز الكرامة والعدالة.
الوطنية في البحرين ليست مشاعر عابرة، بل مشروع حضاري مستدام، تتلاقى فيه مفاهيم الأمن مع التنمية، والانتماء مع المشاركة الفاعلة، والولاء مع الإنتاج والعمل الجاد.
وحين تتقدم مصلحة الوطن على كل اعتبار، وتُقدَّم على المصالح الشخصية أو الانتماءات الضيقة، يتحول الوطن إلى قلعة منيعة أمام أي تهديد.
فحب الوطن الحقيقي لا يُفرض ولا يُشترى، بل يُنبت في القلوب حين يعي الفرد أن الوطن هو البيت الكبير، وأن الحفاظ عليه مسؤولية جماعية تتجاوز الزمان والخلافات.
الوطنية ليست مناسبة نحتفل بها، بل هي سلوك نمارسه يومياً، حين نخلص في أعمالنا، ونحترم قوانيننا، ونحمي وحدتنا، ونرعى منجزاتنا.
وفي البحرين، التي عُرفت بتسامحها وأمنها وتعايش أهلها، تظل الوطنية هي الجسر الذي نعبر به نحو المستقبل، وهي الضمانة الأكيدة لاستمرار البناء في ظل قيادة ملهمة وشعب وفيّ.
فالوطن لا يطلب منا أكثر من أن نبادله الحب بالفعل، وأن نكون أمناء على أمانته، عاملين بصدق من أجل رفعته.
وهذه هي البحرين التي نفخر بها، وطن الوفاء والعمل، وطن الأمان الذي يُعلّم أبناءه أن الوطنية ليست مجرد أقوال، بل أسلوب حياة ومسؤولية مستمرة.