منذ انطلاق المشروع الإصلاحي بقيادة جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، شهدت مملكة البحرين تحولات سياسية ودستورية بارزة، تمثلت أبرزها في إعادة إحياء الحياة البرلمانية عبر تشكيل مجلس النواب إلى جانب مجلس الشورى، الذي أسسه والده ووالد البحرينيين الراحل العظيم الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه.

هذا المشروع، أي إعادة إحياء الحياة البرلمانية، جاء برؤية تقوم على إشراك المواطنين في صنع القرار، وتأكيد أن ممارسة السلطة لا تنفصل عن إرادة الشعب، بل تنبثق منها وتُمارس من أجل خدمته، وذلك عبر اختيار الناس لممثلين عنهم يعملون بصدق وإخلاص لإيصال رؤاهم وحل همومهم ومؤرقاتهم.

جلالة الملك حرص أن يكون المجلس الوطني، بشقيه المنتخب والمعين، نموذجاً للتوازن بين الخبرة الشعبية والتمثيل الرسمي، بحيث يتم تحقيق تكامل فعّال بين صوت المواطنين ورؤية الدولة، بما يضمن أداءً تشريعياً ورقابياً يثري العمل الوطني ويبتعد عن الصراعات غير المجدية.

ورغم أن التجربة النيابية البحرينية مازالت في مراحلها الأولى، حيث لم تتجاوز ثلاثة عقود، إلا أن النضج السياسي لدى المواطنين بات واضحاً، خاصة من حيث وعيهم بدورهم في العملية الانتخابية، وحرصهم على مساءلة ممثليهم ومتابعة أدائهم.

أصبح من الملاحظ أن الناخب البحريني يمنح صوته لمن يثبت التزامه بخدمة المصلحة العامة، لا من يسعى لتحقيق مكاسب شخصية. ويُعد هذا التحول دليلاً على نجاح النهج الإصلاحي في ترسيخ مفهوم المشاركة الواعية والمسؤولة.

في لقاءات جلالة الملك مع أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، تتجلى ملامح قيادة حكيمة تعتمد على الحوار الهادئ والتوجيه البنّاء، حيث تحمل كلمات جلالته رسائل عميقة تعزز قيم العمل الوطني المشترك، وتشجع على التعاون بين المؤسسات الدستورية بدلاً من التنازع أو التنافس السلبي.

يركز جلالته دوماً على أن العلاقة بين السلطات يجب أن تُبنى على التكامل والتنسيق، بهدف تقديم الأفضل للوطن والمواطن، في إطار من الاحترام المتبادل والحرص على تغليب المصلحة الوطنية العليا.

ومن الجوانب اللافتة في نهج جلالته هو تقديره الدائم لجهود ممثلي الشعب، وتأكيده المستمر أن المسؤولية تكليف يتطلب إخلاصاً وعملاً دؤوباً، وأن معيار النجاح الحقيقي يتمثل في تحسين حياة المواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات.

كلمات جلالة الملك تُشكل رؤية وطنية متكاملة، تنبع من تجربة ثرية في إدارة الدولة والعمل الإصلاحي. ومن خلالها، يرسم جلالته خارطة طريق واضحة نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، تقوم على مؤسسات قوية وشعب واعٍ بدوره.

لقد سعى جلالة الملك إلى ترسيخ نموذج ديمقراطي وطني يعكس الخصوصية البحرينية ويواكب الطموحات التنموية، حتى تصبح البحرين وطناً يحتضن الجميع، وتجربتها البرلمانية مصدر فخر وإشعاع في المحيط العربي. وما نراه اليوم من تطور في الأداء البرلماني والرقابي يؤكد أن القيم التي غرسها المشروع الإصلاحي بدأت تؤتي ثمارها، في مسيرة مستمرة عنوانها الأسمى: البحرين أولاً، ودائماً.