بعد اتفاق إنهاء الحرب في غزة برعاية أمريكية، فهناك في اعتقادي أولويات في الوقت الراهن ينبغي تنفيذها على أقصى درجات السرعة، ومن أبرزها إدخال المساعدات الإغاثية والطبية لأهالي غزة، الذين يعانون من تدهور إنساني وطبي شديد، وأيضاً ضرورة التزام الطرفين وبالذات الإسرائيلي باتفاق إنهاء الحرب بجميع مراحله وعدم الإخلال به.

ولعل تلك الأولويات قد تطرح في القمة الدولية التي تحتضنها مصر بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من قادة العالم، لتسليط المزيد من الضوء على الترتيبات المتعلقة باتفاق إنهاء الحرب في غزة، كما أن هذه القمة في اعتقادي فرصة كبيرة لحلحلة بعض الأمور التي وصفها ترامب بالصغيرة، والتي لا تزال عالقة في الاتفاق المذكور.

ولكن أعتقد أن ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في غزة، وضرورة إدخال المساعدات بأسرع وقت هو الأهم الآن، فهي أولوية قصوى وضرورة مُلحة، خاصة مع شدة معاناة أهل غزة من المجاعة وسوء الأحوال الإنسانية والطبية، وقد كشفت مسؤولة الاتصال في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن وجود شحنات غذائية تنتظر دخولها الفوري والعاجل لغزة، وهي تكفي أهلها لمدة ثلاثة شهور، فيما أكدت مسؤولة بصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) في غزة لـCNN إن الصندوق لديه مئات الشاحنات التي تنتظر الدخول إلى القطاع، محمّلة بالإمدادات الطبية والمعدات الخاصة بالمستشفيات.

بمعنى آخر، أن كل الخدمات التي ينتظرها أهالي غزة متوفرة، وينتظر دخولها إليهم بأسرع وقت، وربما وصول 200 جندي أمريكي إلى فلسطين لمراقبة تنفيذ خطة غزة، يسهل تلك العملية، خاصة وأن من أبرز ما يجب ضمان مراقبته والإسراع في تنفيذه هو السماح الفوري بدخول المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية عموماً لأهالي غزة، سواء تحت إشراف هذه القوات الأمريكية أو قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو غيرهما، فلا يهم «من» بقدر ما يهم «متى» ستتم إغاثة أهالي غزة.

صحيح إننا فرحنا لفرح أهالي غزة بعد اتفاق إنهاء الحرب، ونهاية معاناة وقصص ومآسي استمرت لعامين، ولا يحتملها إلا من صبر واحتسب الأجر عند الله، وأحسب أهالي غزة كذلك، ولكن يجب الحرص كذلك على تنفيذ هذا الاتفاق، الذي جاء في إحدى بنوده ما يتعلق بضخ المساعدات الإنسانية، وإعادة الخدمات الأساسية لغزة، مع التأكيد على أهمية التوافق الكامل على جميع التفاصيل الخاصة بتنفيذ الاتفاق بمراحله المتعددة، وتحمل الأطراف المعنية مسؤولية التنفيذ، لتحقيق السلام والاستقرار المنشودان لفلسطين والمنطقة.