منذ اللحظة الأولى لتوجيه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بعرض ثلاث فرص وظيفية لكل باحث عن عمل مسجل لدى وزارة العمل؛ تدفقت المبادرات من الشركات والمؤسسات الوطنية نحو المنصة الوطنية للتوظيف، لتسجل أرقاماً مبشرة بأكثر من ألف وظيفة خلال فترة وجيزة، كمؤشر على أن القطاع الخاص شريك حقيقي في بناء المستقبل، حيث عكس هذا التفاعل ثقافة وطنية تؤمن بأن البحريني هو رأس المال الأغلى، وأن الاستثمار فيه هو الطريق الأقصر لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
استجابة المؤسسات الوطنية السريعة للتوجيه مثلت انحيازاً واعياً للمواطن، باعتبار الوظيفة حفظاً للكرامة وفرصة للتقدم، فحين تفتح الأبواب أمام الشباب البحريني ليجدوا طريقهم نحو العمل المنتج والمستدام، فإننا نتحدث عن قصص حياة تتغير وأسر تستقر، ومستقبل يكتب..
في جوهر المبادرة تكمن رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بأن يكون المواطن محرك التنمية وهدفها الأول، رؤية تحولت إلى نهج عمل لدى الحكومة، وتتجسد في كل خطوة عملية وفي كل مبادرة وطنية، تجعل من تمكين المواطن حجر الزاوية في بناء الاقتصاد الوطني.
لقد أثبتت التجارب أن الاقتصاد المزدهر لا يقاس بحجم الاستثمارات فقط، بل بالقدرة على احتضان أبنائه، فحين يندمج العام والخاص في مشروع وطني يضع البحريني أولًا، فإننا نؤسس لمرحلة جديدة من التنمية المستدامة، يكون فيها العمل رسالة وطنية وليس مجرد وسيلة للعيش.
هذه المبادرة تكشف بكل وضوح عن نضج العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، وعن وعي المجتمع المتزايد بأن الحلول الوطنية تصنع بالفعل المشترك، فمن وزارة العمل التي فتحت منصاتها لتكون حلقة الوصل، إلى الشركات التي سارعت لطرح وظائف حقيقية، يتشكل أمامنا مشهد وطني متكامل عنوانه؛ كلنا شركاء في تمكين المواطن.
إن عرض ثلاث فرص وظيفية لكل باحث عن عمل يمثل رسالة ثقة في المواطن وقدرته على الإبداع، وثقة في الشركات التي تؤمن أن نجاحها لا يكتمل إلا حين يكون شباب الوطن جزءاً من إنجازها اليومي.
ولأن العمل لا ينفصل عن الكرامة، فإن ما يحدث اليوم هو تجسيد لفكرة عميقة مفادها أن كرامة الإنسان تبدأ من قدرته على العمل والمشاركة، فكل وظيفة هي حكاية جديدة في سجل هذا الوطن الذي آمن دوماً بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية.
ستظل مبادرة سمو ولي العهد رئيس الوزراء علامة فارقة في مسار التوظيف الوطني، لأنها تعيد صياغة العلاقة بين المواطن وسوق العمل على أساس الثقة والعدالة والكفاءة، إنها دعوة لتجديد الإيمان بأن البحرين بلد الفرص، بلد العمل الجاد، وبلد القادة الذين لا يكتفون بالتوجيه، بل يلهمون الفعل.