ليس من الخطأ أن ننتقد أو نختلف، فالنقد البنّاء هو وقود التطوير، لكن الخطأ الحقيقي أن نعتاد النظر إلى كل خطوة بعين الريبة، وأن نرتدي نظارات سوداء تجعلنا نرى العتمة في وضح النهار.

نعم، هناك سياسات قد لا تصيب الهدف، وأداء قد لا يرقى إلى الطموح، ومشكلات تستنزف الناس وتؤرقهم، لكن ذلك لا يعني أن كل شيء مظلم، أو أن كل جهد فاشل. التغيير لا يأتي دفعة واحدة، ولا يولد ناضجاً بلا أخطاء، لكنه يبدأ من إرادة صادقة تسعى لتصحيح المسار وبناء مستقبل أفضل.

الغريب أن بعض الأصوات لا تطيق رؤية الإصلاح حين يبدأ، ولا تطيق أن ترى الضوء حين يلوح في الأفق. تراها تبحث عن العيوب في كل إنجاز، وعن النوايا السيئة في كل خطوة، وكأنها لا تستطيع العيش إلا في بيئة التشكيك والسوداوية. هذه ليست عين ناقد، بل نظرة من اعتاد العتمة حتى صارت له وطناً.

المشكلة ليست في الاختلاف، بل في الإصرار على السواد، في تلك العدوى التي يحاول البعض بثّها لتعمينا عن كل ما هو جميل ومبشر. هؤلاء لا يريدون للناس أن يروا الجانب المشرق، لأنهم اعتادوا أن يصنعوا حضورهم من الصراخ والتهوين. يريدون أن تبقى الثقة مكسورة، وأن يظل الأمل متهمًا بالسذاجة، وكأن الإيجابية جريمة.

لكن الحقيقة أبسط وأوضح؛ هناك جهود تُبذل، وإصلاحات تتشكل، ووعي جديد ينمو في المجتمع. هناك من يعمل بصدق رغم الضجيج، ومن يؤمن بأن وطنه يستحق أن يُصنع على عيون الأمل لا من خلف زجاج التشاؤم.

اخلع نظارتك السوداء، وانظر حولك بإنصاف. ستجد أن الواقع ليس معصوماً، لكنه يتحرك، يتطور، ويتغير. ستجد أن هناك من يسهر ليصلح، ومن يخطئ ثم يصوّب، ومن يؤمن أن الغد حتماً سيكون أفضل.

التفاؤل ليس سذاجة، بل هو إيمان بالعقل والإرادة، هو قرار أن ترى النور رغم الضباب، وأن تؤمن أن الخير أقوى من الضجيج، وأن الله لا يخذل من صدق النية والعمل.

فلا تسمح لأحد أن يضع على عينيك نظارته السوداء. أنت من يختار كيف يرى وطنه، فإما أن تراه مساحة من الفرص والنور، أو أن تحكم عليه بالعتمة وأنت من أطفأ النور.

تفاءل، وشارك في التغيير، فالأوطان لا تُبنى على الشك، بل على الإيمان بأن الخير قادم، وأن الله وعد فقال: ”تفاءلوا بالخير تجدوه“.