شهدت صناعة الترفيه في عام 2025 محطةً تاريخية مع تقديم تيلي نوروود، أول ممثلة افتراضيّة تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي، من تطوير شركة Xicoia، الذراع المتخصص في الذكاء الاصطناعي لشركة الإنتاج اللندنية Particle6. أسست المشروع المنتجة الهولندية إلين فان دير فيلدن، ويجسد هذا الابتكار اندماجاً بين السرد الإبداعي والتعلم الآلي المتقدم، مما أثار نقاشات مهمة حول مستقبل فن الأداء.

وقد أثار تطوير هذه الشخصية تفاعلات متنوعة في هوليوود، ليشكل لحظة فارقة في تطور تكنولوجيا الترفيه التي تمزج بين الأساليب التقليدية والتقنيات الحسابية الحديثة.

من الناحية التقنية، تم إنشاء هذا الكيان الرقمي باستخدام نماذج توليدية للذكاء الاصطناعي تم تدريبها على مجموعات بيانات ضخمة تتضمن ملامح الوجه، وأنماط الصوت، وحركات الجسد المستخلصة من آلاف العروض التمثيلية. وعلى الرغم من إثارة هذا النهج لبعض المخاوف، فإنه يفتح آفاقاً جديدة للتعبير الإبداعي.

إذ تقوم التقنية بدمج هذه العناصر لإنتاج شخصية رقمية واقعية قادرة على الظهور في مواقف متعددة، مع إظهار نطاق واسع من المشاعر المقنعة.

وقد ظهرت نوروود لأول مرة في يوليو 2025 في فيلم «مفوّضة الذكاء الاصطناعي» (AI Commissioner)، لتُبرز الإمكانات التقنية للمشروع. كما أطلقت حسابًا على إنستغرام قبل ذلك بشهرين، عرضت فيه محتوى متنوعاً من صور شخصية غير رسمية إلى مشاهد سينمائية متقنة، مما جذب متابعين يتفاعلون معها كما لو كانت شخصية حقيقية.

وبعد هذا النجاح الأولي، قدمت فان دير فيلدن نوروود خلال مهرجان زيورخ السينمائي في سبتمبر 2025، حيث ناقشت اهتمام شركات الإعلام بالمواهب التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن تكاليف الإنتاج يمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 90%.

وقد أثار هذا الإعلان تفاعلات واسعة داخل القطاع، تراوحت بين القلق والتفاؤل الحذر. فقد عبّر عدد من الممثلين البارزين عن مخاوفهم، إذ وصف بعضهم التطور بأنه مقلق، بينما شكك آخرون في قدرة الجمهور على الارتباط عاطفياً بممثلة لم تختبر الحياة الحقيقية. وهذه المخاوف مشروعة، وتستدعي وضع أطر واضحة تضمن أن تكون التكنولوجيا شريكاً للإبداع الإنساني وليس بديلًا عنه.

استجابةً لذلك، أصدرت نقابة ممثلي الشاشة واتحاد الفنانين الأمريكيين للإذاعة والتلفزيون (SAG-AFTRA) بياناً أثار تساؤلات حول موافقة أصحاب البيانات التدريبية وآليات التعويض المالي.

وأكدت النقابة أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على أعمال عدد لا يحصى من الممثلين الحقيقيين، غالباً دون الحصول على إذن، وشددت على ضرورة وضع التزامات واضحة عند استخدام شخصيات اصطناعية في الإنتاجات الفنية.

وتُعيد هذه النقاشات إلى الأذهان قضايا إضرابات هوليوود عام 2023، عندما بدأت الصناعة في صياغة إرشادات تنظم الشراكة الإبداعية بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. ويُرجَّح أن يكون تحقيق التوازن بين حماية الفنانين ودعم التقدم التكنولوجي هو التحدي الأبرز الذي سيحدد ملامح المرحلة القادمة من صناعة الترفيه.

وقد وصفت فان دير فيلدن نوروود بأنها أداة إبداعية وليست بديلاً عن الموهبة البشرية، مقارِنةً الذكاء الاصطناعي بتقنيات مثل الرسوم المتحركة والتصوير الحاسوبي (CGI) التي وسعت آفاق الإبداع دون أن تلغي الأداء التقليدي.

وترى أن الجمهور يتفاعل مع القصة المؤثرة بغض النظر عن الوسيط المستخدم، وأن الإبداع الإنساني هو المحرك الدائم للتجديد الفني خلال العملية الإبداعية بأكملها.

وتؤكد أن هذه الرؤية التعاونية هي الهدف الأمثل، شريطة أن تُحكم بضوابط أخلاقية واضحة ومنصفة. ومع استمرار تطور الصناعة، يقف مشروع تيلي نوروود كإنجاز ومعلم بارز، يحفز المجتمع الإبداعي على تصور مستقبل تتعاون فيه الخيال البشري والابتكار الحسابي لتوسيع حدود السرد الفني.