هل يطبق ترامب ذات السياسة التي اتبعها في الوصول إلى هدنة لحرب غزة في حرب أوكرانيا؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال، علينا أن نعي ماذا فعله ترامب لوقف الحرب في غزة بعد عامين دمويين، فالرئيس الأمريكي طبق ما يسمى بسياسة الضغط الشديد على الطرفين مما دفعهما للرضوخ لطلباته.

وقد بدأ بنتنياهو - الذي بالمناسبة وصل عمره إلى 75 عاماً، ولكن دون أن تعكس هيئته حتى الآن هذا العمر المتقدم - فاستدعاه إلى واشنطن، وأجبره أن يقبل وقف إطلاق النار علناً وأمام مرأى العالم في 29 سبتمبر خاصة بعد ضربة الدوحة المفاجئة، والتي وصفها ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط بالخيانة والتي أكد أيضاً جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب أن الرئيس شعر بعدها أن الإسرائيليين أصبحوا خارج السيطرة وأنه لابد من التعامل معهم بصرامة لوقف تهورهم. وبعدها مارس ترامب الضغط الشديد على حماس ايضاً وهدد قادتها بحرب ضدهم تكون أشد تدميراً إذا لم يقبلوا شروطه فوراً.

مع روسيا، يستطيع ترامب تطبيق سياسة الضغط الشديد أيضاً وتشمل في الدرجة الأولى تزويد أوكرانيا بصواريخ Tomahawk التي يصل مداها إلى 1600 كيلومتر والقادرة على ضرب الداخل الروسي وهو أمر لم يحدث حتى الآن وسيسبب إرباكاً كبيراً للروس، فوجود هذا الصاروخ في أيدي الأوكرانيين يعني الوصول إلى قواعد عسكرية ومطارات ومقرات قيادة روسية بدقة وبقدرة تدميرية كبيرة. ولم يتردد ترامب في التلميح بذلك في تصريحات صحافية قبل بضعة أيام.

جدير بالذكر أن أمريكا ومعها الأوروبيون قدموا على مدى فترة الصراع صواريخ ذات مدى قصير لأوكرانيا لا تصل الأهداف المرجوة بحيث تشكل ضغطاً حقيقياً على الروس، فأبعد مدى لصاروخ متوفر للأوكرانيين حالياً هو لصاروخ أمريكي يسمى Atacms ولا يتعدى مداه 300 كيلومتر فقط ولا يقترب حتى من العاصمة موسكو.

ويستطيع ترامب كذلك مساعدة الأوروبيين على الاستحواذ على أصول روسيا المجمدة؛ مما يقضي على أمل استرجاعها من قبل الروس، والتي قد تساهم في تمويل العمليات الأوكرانية ضد روسيا. إضافة إلى كل ذلك يستطيع ترامب مساعدة الأوكرانيين استخباراتياً لانتزاع المزيد من الأراضي الواقعة تحت سيطرة الروس حالياً مما يقوي موقفهم في أي مفاوضات مستقبلية.

ولكن في ظل التطورات الأخيرة، وبعد زيارة زيلينسكي الأخيرة للبيت الأبيض يوم الجمعة الماضي، لا يبدو أن ترامب يتجه نحو إمداد الأوكرانيين بأي شيء في الوقت الراهن تحسباً لأي تصعيد، ويفضل الرهان على الدبلوماسية والاستثمار في علاقته الشخصية مع الرئيس بوتين التي يعول عليها للوصول إلى تسوية سياسية توقف الحرب؛ ولذلك لم يستجب لطلب زيلنسكي تزويده بالصواريخ؛ ولذلك أيضاً يتم الإعداد الآن لقمة ثانية تجمع الرئيسين ترامب وبوتين في بودابست ستعقد خلال أسابيع.