على ما يبدو أن إسرائيل تسير في طريقها إلى نقض الاتفاق بينها وبين منظمة «حماس»، وهو أمر متوقع منها في أي لحظة، والعذر موجود وجاهز، وهو تأخر «حماس» في تسليم جثامين ما تبقى من المحتجزين الإسرائيليين الذي ماتوا خلال القصف الإسرائيلي على غزة.

ولقد سبق وأن تطرقنا لهذا الجانب، وبالرغم من استلام إسرائيل لعشرين أسيراً حياً، و10 جثامين من أصل 28، إلا أن ذلك لم تقبل به إسرائيل، وتصر على استلام بقية الجثامين في أسرع وقت، متعللة بأن هذا هو ما نص عليه بنود اتفاق إنهاء الحرب في غزة الذي تم برعاية أمريكية، وكأن إسرائيل تتعمد من خلال هذه المطالبات الضغط على «حماس» لإسراعها في تسليم الجثامين، وتتهمها بالتباطؤ والتلكؤ في هذا الشأن، وتفسره بعدم التزام الأخيرة بالاتفاق، وبالتالي فإن العودة إلى الحرب أصبح عملاً «مشروعاً» لإسرائيل.

إسرائيل لا تريد أن تصدق أن استخراج جثامين مواطنيها من بين الدمار والأنقاض يحتاج لوقت طويل، ويحتاج معدات وأجهزة خاصة لرفع كل تلك الأكوام من الأنقاض، ولقد طالبت حماس بإدخال تلك المعدات لغزة، ولكن إسرائيل ترفض هذه المطالبات، ثم في ذات الوقت تطالب الإسراع بتسليمها الجثامين، وهو أمر مستغرب جداً، حيث إن إسرائيل لا هي التي سمحت بإدخال معدات لرفع الأنقاض، وبالتالي الإسراع من استخراج جثث الإسرائيليين، ولا هي التي تمنح «حماس» مزيداً من الوقت لاستخراج تلك الجثامين، بل وتتهمها بعدم الالتزام ببنود اتفاق إنهاء الحرب!

أعتقد أن تصرفات إسرائيل الغريبة بشأن جثث مواطنيها يؤكد أنها لا ترغب أصلاً في استلام تلك الجثث، لأسباب ربما تحللها أو تشوهها بدرجة كبيرة، وهو ما يجعل حكومة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو تحت ملامة كبيرة من أهالي المحتجزين الموتى، والأحزاب المعارضة لنتنياهو، الذي كان يرفض الاستماع إلى مطالبات الأهالي وجهات بالتوقف عن قصف غزة لخطورة ذلك على حياة المحتجزين الإسرائيليين، وهذا ما تم فعلاً، فتبعثرت جثثهم مع الأنقاض بسبب هذا القصف.

وتلك النتيجة لا تريد إسرائيل الوصول إليها، وبالتالي قد لا ترغب باستلام الجثامين، ولكنها تعكس اللوم وتلقيه على «حماس»، وتتذرع بأن الأخيرة لا تلتزم بالاتفاق، بحيث يكون ذلك عذراً لإسرائيل لإعادة عجلة الحرب، وكسرها هي للاتفاق، وقد سبق وأن حذرنا من التوجه لإسرائيل التي لن تجد صعوبة في التعذر بأي عذر لكسرها الاتفاق، والعودة إلى الخيار العسكري، خاصة وأن الرئيس الأمريكي نفسه قال لشبكة «CNN»، بأن العودة إلى هذا الخيار وارد، فهل تكون هذه المناوشات الإسرائيلية هي بداية كسرها للاتفاق، وعودتها للحرب؟