قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم «هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ، لَا مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ»، «سورة ص: آية 59»، وكلمة مقتحم معكم معناها داخل معكم.

القرآن الكريم أنزله الله تعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي فصيح، وبالمناسبة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عربي قح، ولغة أهل الجنة من بعد قيام الساعة وفرز أهل الجنة وأهل النار ستكون اللغة العربية.

ومع تعاقُب القرون، قد تختفي بعض الكلمات، وتأتي أجيال ثم أجيال، فتنسى بعض الكلمات لعدم استعمالها، لكن هذه الكلمات تظل راسخة في ذاكرة قليل من العرب الأوائل جيلاً بعد جيل، فإذا جاءت كلمة في القرآن الكريم لم يسمع بها الجيل الجديد الذي جاء في عصر الرسالة المحمدية، يقولون لم نسمع بهذا.

حدث في حياة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، في القرآن الكريم المنزل من الله تعالى بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام، أن وردت كلمات (كبّار، وقسورة، وعُجاب)، فكان جواب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، هل تعلمون في البوادي التي حول المدينة من يعيش فيها رجلٌ طاعن في السن؟ قالوا نعم، قال عليه الصلاة والسلام، هلم إليه. وهكذا ركبوا دوابهم وتوجّهوا إلى مضرب ذلك الرجل، وكان جالساً، وقال الرسول لمن معه، لا تخبروه ولا أهله من أكون. ثم قال الرسول إلى الرجل الطاعن في السن وكان جالساً، قف، وتحامل الشيخ على نفسه حتى استطاع الوقوف وهو متكئ على عصاه. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام له اجلس، فجلس مثل ما قام أولاً، ثم قال له ثانية اجلس، ثم أتبعها بثالثة. هنا قال الشيخ الكبير، هذا استهزاء بي يا قسورة العرب، وإني رجل كبّار والله إن هذا لشيء عُجاب! «وقسورة اسم من أسماء الأسد، وكبّار أي طاعن في السن، وعُجاب معناها عجباً شديداً»، فضمّه رسول الله عليه الصلاة والسلام وقبّله وقال له، جئت لأُعلّم أبناءك لغتهم، فأجاب الشيخ المسن وما هي؟ قال عليه الصلاة والسلام ما أجبتني به.

هذه المقدّمة لأُثبت في ما قدّمت أن بعض الكلمات الفصحى تختفي وتجيء كلمات غيرها، فيعتاد الجيل الجديد عليها.

نحن الآن نعيش في عصر كثر فيه الأدباء والشعراء والكتّاب والمتكلمون، فيقعون في أخطاء لغوية فيما يكتبون وينطقون، في وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، فهم يقعون في خطأ فادح، كما أوردت في المقدمة في سورة ص، والصحيح لا مرحباً بكم وليس لا مرحباً فيكم!، لذلك يجب الانتباه إلى مثل ذلك، والله أعلم وأدرى، وأصحاب اللغة العربية، كون القرآن الكريم هو الثابت.