تهتم غالبية مؤسسات القطاع الخاص بتقديم خدمات للمجتمع، عن طريق دعم المشاريع الإنسانية، ومشاريع خدمة المجتمع، فتجد بعض الشركات تمول بناء مستشفيات أو أندية، أو مكتبات عامة، أو غيرها من المنشآت التي تقدم من خلالها خدمات لأفراد المجتمع، وبعض الشركات تدعم الأسر عن طريق دعم التعليم، فتجدها توفر بعثات دراسية لأبناء الأسر، ويتم اختيارهم وفق معايير معينة، وبعض الشركات تدعم الأسر عن طريق دعم المرضى منهم كتوفير مضخات السكري، وتوفير الأجهزة المعينة للمعاقين كالكراسي المتحركة، والسماعات للصم، أو تحمل كلفة العمليات الجراحية أو غيرها، وهذا الدعم قد يكون مباشراً للأسر، ولكن غالباً ما يكون من خلال دعم مؤسسات المجتمع المدني ودعم مشاريعها الإنسانية، أو دعم مؤسسات القطاع العام التي تقدم خدمات للمجتمع، كما تدعم الشركات التنمية المهنية في مجالات شتى كدعم المؤتمرات والدورات التدريبية، وتستقطع هذه المبالغ من أرباح الشركات، لسد حاجات المجتمع في إطار المسؤولية الاجتماعية، فالشركات والمؤسسات عليها أن تشارك في تحمل مسؤولية خدمة المجتمع والحفاظ على جودة مستوى المعيشة.
والواقع أن التزام الشركات بدعم المجتمع في إطار المسؤولية الاجتماعية مؤشراً على قوة البناء المؤسسي للشركة، فالالتزام بالمسؤولية الاجتماعية يعتبر من مبادئ الحوكمة، كما أنه مؤشر على التزام الشركة بمعايير الاستدامة، وعندما تتأمل حجم الموازنات المقتطعة من أرباح الشركات لخدمة المجتمع، تجد أنها في مجموعها تشكل موازنات كبيرة، وبالرغم من أنها تدعم خدمات كثيرة للمجتمع، إلا أنها غالبيتها تدعم مشاريع قصيرة المدى.
وهنا نتمنى من الشركات النظر في طريقة تقديم هذا الدعم للمجتمع، وإعادة النظر في تنظيمه، فكما نعلم أن من أهم طرق دعم الأسر توفير وظائف لائقة لأفراد الأسرة منهم الأبناء، وكما نعلم أن تشريعات البحرين تسمح بإنشاء شركات غير ربحية، ويقصد بها المؤسسات التجارية الاستثمارية التي لا تعود أرباحها للملاك، بل إن أرباحها يستفاد منها للتشغيل كدفع الرواتب وتوفير المواد الخام، والفائض يعود لخدمة المجتمع، وهنا يمكن أن تستغل الشركات المبالغ المخصصة لخدمة المجتمع بإنشاء شركات غير ربحية بمعنى أنها مشاريع تجارية تحقق أرباحاً، فعلى سبيل المثال أن تنشئ الشركة مشغل خياطة أو مخبزاً، ويستفاد من أرباحه لسد رواتب الموظفين، وصيانة الأجهزة، وسد فواتير الكهرباء والماء، والفائض من الأرباح إن وجد لخدمة المجتمع، وبذلك توفر أموال المسؤولية الاجتماعية من خلال تنفيذ مشاريع تجارية تطرح فرص عمل للشباب بدلاً من إنفاقها على مشاريع استهلاكية مباشرة، كما أن توظيف أموال المسؤولية الاجتماعية بإنشاء مشاريع استثمارية تجارية يسهم في تنشيط السوق التجارية، حيث يتم شراء المواد الخام وغيرها من المتطلبات من المحلات التجارية في البحرين، فينشط السوق ويزيد من القوة الشرائية، ويمكننا القول إن استثمار أموال المسؤولية الاجتماعية من خلال الشركات غير الربحية يسهم في خدمة المجتمع وخدمة السوق التجارية معاً.. ودمتم سالمين.