منذ سنوات؛ أحرص شخصياً على متابعة وحضور ما تيسر من الفعاليات التي يتضمنها موسم أعياد البحرين، والتي تحولت مع مرور الوقت من فعاليات محلية إلى موسم ينتظره الجميع بشغف، من مواطنين ومقيمين، ولعل أجمل ما يلفت في كل موسم ما يشمله من تنوع يجعله مناسباً للجميع، من الفعاليات العائلية الهادئة إلى الحفلات الفنية النابضة بالحياة، وحتى العائلات الخليجية التي تحرص على زيارة البحرين خصيصاً في هذا الموسم، تعبر دائماً عن الدهشة من روح الفرح والتنظيم والكرم البحريني الأصيل.

موسم أعياد البحرين 2025 الذي أعلن عن انطلاقته في الأول من ديسمبر المقبل تحت شعار «نعيشها كل لحظة»، يبدو هذا العام أكثر شمولاً وإشراقاً، حيث يحرص على تقديم أكثر من مجرد احتفالات وطنية، بل رؤية اقتصادية وثقافية متكاملة، تترجم استراتيجية السياحة «2022–2026» إلى واقع ملموس يعيد رسم ملامح المشهد السياحي في المملكة.

ما يميز هذا الموسم 2025، حسب البرنامج المعلن، أنه يجمع بين الترفيه والثقافة والتسوق والرياضة، في مزيج متوازن يعكس روح البحرين الحديثة، فمن مهرجان التسوق الذي ينعش قطاع التجزئة، ويدعم المشاريع الصغيرة، إلى مهرجان المراعي وسوق المزارعين اللذين يحتفيان بالمنتجات المحلية، ويمنحان المزارعين مساحة للترويج لجهودهم، ثم مهرجان القرية التراثية الذي يعيدنا إلى أجواء البحرين التاريخية، حيث البساطة والدفء والهوية الشعبية التي لا تغيب رغم التحديث.

وعلى الجانب الثقافي؛ تشهد البحرين هذا العام طفرة فنية من خلال حفلات مسرح الدانة ومهرجان البحرين العالمي للجاز وليالي المحرق، والتي تمثل فعاليات هامة ترسخ مكانة المملكة كوجهة فنية وثقافية رائدة في المنطقة، كما لا يمكن إغفال الفعاليات الرياضية التي تضيف جرعة من الحماس، وعلى رأسها سباقات الخيل في نادي راشد للفروسية، التي تجمع بين الأصالة والروح التنافسية.

وفي رأيي الشخصي؛ فإن أكثر ما يجعل هذا الموسم استثنائياً هذا العام هو الأثر الاقتصادي والاجتماعي الذي يتركه وراءه، فإلى جانب المتعة والترفيه، تسهم هذه الفعاليات في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص عمل حقيقية ومستدامة للشباب البحريني، سواء في المجالات التنظيمية أو في المشاريع المصاحبة للموسم، حيث أصبحت «أعياد البحرين» نموذجاً في كيفية تحويل الفرح إلى صناعة وطنية تسهم في الترويج للبلاد، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مكانتها على خارطة السياحة الإقليمية والدولية.

أما المشهد الختامي المنتظر، عندما تتلألأ سماء البحرين بعروض الألعاب النارية والطائرات المسيرة في سبعة مواقع مختلفة، فهو أشبه برسالة موجهة إلى كل زائر ومقيم: هنا وطن يحتفي بالحياة، ويعيشها فعلًا في كل لحظة.

وأخيراً، فإن أعياد البحرين في مضمونها تجسيد لروح وثقافة هذا الأرض، والتي تجمع بين الأصالة والانفتاح، بين الفرح والعمل، وبين الإنسان والوطن.