بكل الفخر والاعتزاز، وفي ظل الرعاية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، ودعم الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وبجهود كل من رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس الهيئة العامة للرياضة، استقبلت مملكة البحرين زخماً استثنائياً من الحيوية والشباب، مع انطلاق النسخة الثالثة من دورة الألعاب الآسيوية للشباب في أكتوبر 2025.

وككاتبة لهذا العمود، لا يسعني إلا أن أتأمل في هذه اللحظة التاريخية التي تتحول فيها أرضنا إلى ملتقى لقارة بأكملها، ليس فقط من خلال عدسة الرياضة، وإنما من خلال منظور اقتصادي أعمق يلامس حاضرنا ويصوغ مستقبلنا.

هذه الدورة بجانب أنها منافسات رياضية تتبارى فيها الهمم والشباب من 45 دولة آسيوية، فهي أيضاً محرك اقتصادي متعدد الأوجه، فعندما تطأ أقدام الآلاف من الرياضيين والمدربين والوفود المرافقة والإعلاميين أرض مركز البحرين العالمي للمعارض، فإنهم لا يحملون معهم حقائبهم وحسب، بل يحملون فرصاً اقتصادية ملموسة، أجدني أفكر في الفنادق التي ستمتلئ، والمطاعم التي سيزداد إقبالها، ووسائل النقل التي ستدور بعجلة متسارعة، والتذكارات التي ستباع، كل هذه الحركة الدائبة تترجم إلى تدفقات نقدية تدعم القطاعات الخدمية والتجارية، وتنعش رواجاً اقتصادياً يشعر به المواطن والقطاع الخاص على حد سواء.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فاستضافة حدث بهذا الحجم والتميز هي استثمار طويل الأجل في سمعة البحرين كوجهة رائدة للفعاليات الدولية، فكل كاميرا تلتقط صورة، وكل تقرير إعلامي ينشر، هو دعاية مجانية لا تقدر بثمن لصناعة السياحة والاستثمار في بلادنا، فالعالم سيرى مملكتنا ببنية تحتية متطورة، ومرافق عالمية المستوى كمركز البحرين الدولي للمعارض، وقدرة لوجستية وتنظيمية فائقة، هذه الصورة الذهنية الجذابة هي التي تفتح الأبواب لاستثمارات مستقبلية، وتجعل المستثمرين يفكرون في البحرين كبيئة آمنة ومستقرة ومحفزة للأعمال.

كما أن مثل هذه الفعاليات تخلق فرص عمل مؤقتة وموسمية للشباب البحريني في مجالات التنظيم، والإعلام، والضيافة، والإدارة، مما يمنحهم خبرات عملية لا تقدر بثمن ويضخ دخلاً إضافياً في الاقتصاد المحلي، والأهم من ذلك، هو الإرث الذي تتركه هذه الدورة، فالاستثمار في تطوير المرافق والبنى التحتية يبقى منفعة دائمة تخدم الأجيال القادمة من أبناء البحرين، وتتيح لنا استضافة المزيد من الأحداث الكبرى لاحقاً.

الأهم ونحن نشاهد حماس المنافسات وبهجة اللقاءات، يجب أن ندرك أن دورة الألعاب الآسيوية للشباب هي أكثر من مجرد حدث رياضي، إنها حلقة متكاملة في سلسلة رؤية البحرين الاقتصادية 2030، حيث تلتقي الرياضة مع الاقتصاد لرسم صورة بحرين المستقبل، بحرين التنمية المستدامة، والاقتصاد المتنوع، والمكانة الدولية المرموقة، إنها لحظة نكتب فيها، فصلاً جديداً من فصول نهضتنا، ليس في ميدان الرياضة فقط، وإنما في سجل ازدهارنا الاقتصادي.