هناك قصور تشريعي معنية به السلطة التشريعية أو هو قصور إجرائي معنية به السلطة التنفيذية، جعل من البحريني طرفاً أضعف في العلاقة بين أصحاب العمل والعامل، وذلك حين يغرم صاحب العمل بذنب لم يقترفه ويدفع خسائر لم يتسبّب بها.
في حالة خروج العامل من العمل أو (هروبه) أو (انتقاله) -سمّه ما شئت- من عمله دون إخطار وقبل انتهاء فترة عقده وأحياناً بعد عدة أشهر فقط من استقدامه، ثم تجده قد انتقل للعمل في موقع آخر أو اختفى لعدة سنوات ثم ظهر فجأة، فإن قانون العمل هنا يقف عاجزاً أمام حقوق صاحب العمل الأول، أولاً حين التبليغ لا جهة تتابع هذا العامل وتبحث عنه، وكثيراً ما قيل له أنت مكلّف بالبحث وحين تجده بلغنا، وهذا العامل يستطيع أن يعمل مع جهة أخرى وهناك الكثير ممن يقبله بل حين يعثر عليه صدفة بعد عدة سنوات يُستدعى صاحب العمل الأول لشراء تذكرة لرجوعه!!
سواء أكان ذلك ضعفاً في التشريع أو في التنفيذ، فهذا هو ما يحدث، ومن الواضح أن ميزان العدالة مائل وبه إجحاف وظلم لصاحب العمل، ومع ذلك لم يتحرّك أحد لتصحيحه بالرغم من شكاوى آلاف المواطنين.
(العام الماضي تقدّم عدد من النواب بمقترح يقتضي حصول العامل الأجنبي على شهادة إبراء ذمّة قبل ترحيله أو خروجه من البحرين، لكن هيئة تنظيم سوق العمل رفضت المقترح لأنه سيجعل منها الجهة التي تتابع العامل بعد خروجه أو هروبه، و»الغرفة» تحفظت على المقترح لأنه يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية).
انتقال العمالة الأجنبية داخل البحرين أو حتى سفره يحتاج إلى مزيد من التنظيم، خاصة في حال حدوثه قبل انتهاء فترة عقد العامل، فهناك خسائر يتكبّدها من استقدم هذا العامل، لذلك فإن إبراء ذمّته من صاحب العمل الأول ضرورة لقبول توظيفه في موقع آخر، أو اشتراط ما يُثبت أنه أنهى عقده الأول في الفترة الزمنية المحدّدة في العقد أو أن يدفع صاحب العمل الجديد تكاليف الاستقدام للأول قبل أن يوظف العامل وإلا يغرم.
المشكلة الثانية التي ترتّبت على هذا القصور الذي لم يُعالج بالرغم من الشكاوى المتكررة منه، أن هذا التجاهل ترتّب عليه انطباع وصورة سلبية للعلاقة بين المواطن والدولة، فالاستنتاج الذي دائماً ما يُكرّر في هذه الحالات أن الدولة لا تقدّر المواطن، الدولة مهتمّة بسمعتها في محافل حقوق الإنسان على حساب المواطن، وأن البحريني أخيراً وليس أولاً وووووو، ولهذا هي غير مهتمة بتصويب هذا الخلل وتعديل ميزان الحقوق بين طرفي المعادلة، ناهيك عن استغلال هذا الخلل التشريعي والتنفيذي للتعميم على سوء حالة المواطن ومكانته في بلده بشكل مُجحف وغير منصف في حق الدولة.
عقود العمل بحاجة إلى تدخّل وإعادة النظر في بنودها، سواء من هيئة تنظيم سوق العمل، من السلطة التشريعية، من السلطة التنفيذية، أو حتى من أي جهة أهلية تقترح التعديلات اللازمة لضمان حقوق صاحب العمل.
الأمر الأهم أنه لابد من وضع تدابير تختص بمتابعة هذا الخلل معنية بها السلطة التنفيذية، فلا فائدة من إصدار التعديل ولا يُتابَع بتدابير لإنفاذه وتطبيقه، خاصة أن عدة جهات سيكون لها دور في متابعة العمالة المخالفة في هذه الحالة بشكل جدي، وليس كما هو الحال الآن حين التبليغ كلٌّ يُلقي بمسؤولية المتابعة على طرف آخر، فهل يُعقل أن يبقى هذا الخلل بلا حلّ؟