يقترب بنا الزمان نحو الاستحقاق الديمقراطي عبر الانتخابات النيابية والبلدية، ومع ذلك الاقتراب تبدأ الأصوات تتعالى تحت قبة البرلمان وفي الخدمات البلدية، كل يسير نحو هدفه في الحصول على التعاطف الأكبر وتحقيق المكاسب قبل ذلك الاستحقاق. وخلال هذه الفترة التي تسبق الانتخابات تبرز العديد من الأصوات الراغبة في الترشح عبر مداعبتها ودغدغتها للمواطنين عبر العزف على وتر تحقيق مكتسبات جديدة، أو طرح مشاريع غير واقعية، فتجد فوضى في التصريحات والمطالبات تدل أغلبها على عدم وعي أو إدراك بأهمية ودور المجلس النيابي وكذلك البلدي.

وهنا نشهد دوراً بارزاً لمعهد البحرين للتنمية السياسية في تعزيز الثقافة الديمقراطية وتأهيل الراغبين للترشح لخوض غمار المنافسة الانتخابية بصورة مسؤولة وعقلانية ونضوج.

المعهد حمل على عاتقه وبصورة مسؤولة دوراً حيوياً لافتاً عبر عمله على ترسيخ المفاهيم الدستورية والممارسة الديمقراطية الصحية عبر تقديمه الدورات والمحاضرات التوعوية والتثقيفية والمعززة للإلمام بالقانون الانتخابي وآداب الخطابات وضوابط الحملات، فجميعنا يشهد على خروج بعض المرشحين عن الخط الدستوري أثناء الخطابات التي يقدمونها في مقارهم الانتخابية، بل تجاوز الأمر إلى تقديمهم برامج غير واقعية ولا تمسّ العمل سواء أكان النيابي أو البلدي بصلة، فهناك من يشطح بأفكاره، وهناك من يصور للعامة والناخبين بأنه وحال وصوله إلى مقعد البرلمان سيغيّر العالم بأكمله.

معهد البحرين للتنمية السياسية لمس تلك الخطابات وأعد برنامجاً واقعياً مؤثراً يحمل فكراً قانونياً وثقافة واسعة وقدمها للجميع، هدف من خلالها لأن يكون المرشح صاحب رؤية ومقدّماً لبرنامج واقعي يخدم من خلاله مجتمعه ووطنه، هذا البرنامج امتد بثقافته ليشمل كيفية إدارة الحملات الانتخابية والتواصل مع الجمهور، وماهية العمل البرلماني بعد الحصول على ثقة الناخبين عبر مراكز الاقتراع والتصويت، وكيفية حمل هذه الأمانة بمسؤولية ثابتة تجاه الناخبين والوطن.

معهد البحرين للتنمية السياسية يستحق منا جميعاً، كمراقبين وناخبين في الوقت ذاته، أن نرفع له القبعة على تلك البرامج التي يقدّمها وتُسهم في منع الممارسات السلبية، ورفض الخطابات سواء أكانت الطائفية أو حتى القبلية، فهو يرسّخ لقيم المنافسة الشريفة في مملكة تنتهج سياسة المحبة والسلام والعدل والالتزام بالقانون ومبدأ الشفافية، فكل ما سبق يُسهم في رفع مستوى الأداء في المجالس المتعاقبة ويعزّز الوعي السياسي الذي يقدّمه المعهد في بناء ثقة المواطن بالعملية الانتخابية.

إننا عندما نراهن على جهود وبرامج وخطط معهد البحرين للتنمية السياسية فإننا نراهن على مستقبل التجربة الديمقراطية، فعندما يصل الناخب إلى قناعة بكيفية انتخاب الأكفأ بعيداً عن أي مؤثرات أو اعتبارات أخرى، وعندما يصل المرشح إلى ذلك الوعي القانوني المتقدّم، عندها سيكون مجلس النواب مجلساً إيجابياً ومساهماً فعلياً في رُقيّ الحياة وتطورها وازدهارها عبر التشريع والمراقبة والمساءلة، فبأيادينا جميعاً وبوعينا التام نحقق ذلك المستقبل المنشود، ذلك المستقبل الذي يسير بنا إليه حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.