بحكم العادة أي القراءة اليومية السريعة للعناوين الصحفية، وسريعة بالنسبة لي تكون أحياناً كارثية لأنني أخلط كثيراً بين السطور؛ مما اضطرني ذات مرة للبحث عن تفسير علمي لهذه الحالة، فسمعت عن ما يسمى بمتلازمة آرلن وعن ديسلكسيا وهي مشاكل ظواهرها أخطاء في القراءة وأسبابها لها علاقة بالمخ، ولا أدري إن كانت حالتي آرلن أو ديسلكسيا أو لا هذا ولا ذاك، إنما هي نتيجة الاستعجال والسلام كما أقرأ (الصامبو و الشابون) في كل مرة والشاطر يقرأها صح!

المهم قرأت في صحيفة أخبار الخليج تحقيقاً الأسبوع الماضي أن حكومة البحرين تحقق مركزاً متقدماً لمؤشرات "الرفاهية" دولياً، وقرأت بقية العناوين في هذا التحقيق بسرعة كالعادة فجاءت كلمة "كاروشي" في وسط العناوين!! أعدت قراءتها خوفاً من أن تكون السرعة في القراءة هي السبب، لكنا كانت فعلاً "كاروشي، ما علاقة الكرش بأداء الحكومة؟ ثم وجدت نفسي أصرخ

آآآآآآآ ... (تعبير صوتي بحريني يعني "إلى هذه الدرجة"؟!!).

استغربت من المبالغة في مدح الحكومة فهل وصلنا إلى مرحلة متقدمة من المدح، حتى ندلع بها "كروشنا" ونعد عدد البحرينيين أصحاب الكروش من مؤشرات الأداء الحكومي المتميز؟!

نعم لنا أمثال شعبية ربطت الكرش بالمال والغنى وبعضها ربطها بالعزة والقوة "إللي ما له إدبيبه ما له هيبه" لكن لا تصل إلى درجة أن نعتبر كروشنا اجتهاداً حكومياً متميزاً.

نعم الصحافة تجامل أحياناً، أو تزيدها حبتين في المدح أحياناً، لكن ليس لهذه الدرجة، الصراحة قوية قوية على رأي سعد الفرج.

المهم أطفأت محرك السرعة الخاص بقراءة العناوين وتركته على الحياد، لكنني أعدت تفعيله وأنا أقرأ التحقيق بسرعة باحثة عن موقع كلمة كروشنا في مسألة تقييم الرفاهية و إز ... على رأي إخواننا المصريين أي و "إذ" أصل للمصطلح بين قوسين "كاروشي" واكتشف أنه مصطلح ياباني لظاهرة اجتماعية لا علاقة له ببطوننا .

وظاهرة "كاروشي" (Karōshi) هي مصطلح ياباني يعني "الموت بسبب الإرهاق من العمل". تشير إلى حالات الموت المفاجئ بسبب ضغط العمل الشديد والإجهاد، وغالباً ما تكون الأسباب الطبية هي النوبات القلبية أو السكتات الدماغية الناتجة عن الإرهاق وسوء التغذية. أصبحت هذه الظاهرة مشكلة اجتماعية في اليابان.

* المعنى: كلمة "كاروشي" تعني حرفياً "الموت من الإرهاق" أو "الموت بسبب العمل المفرط".

أستغفر الله إن بعض الظن إثم إن قراءتي المتسرعة (عفست أم الموضوع) و لوأنني اكتفيت بقائمة العناوين لكنت خرجت باستنتاجات مخالفة تماماً لا علاقة لها بصلب الموضوع الذي كان مهماً جداً حول دراسة لمراكز عالمية غير ربحية أظهرت قيمة ما تقدمه حكومات دولنا الخليجية من خدمات لمواطنيها ترفع من مستوى الرفاهية وقياساتها المحددة عند شعوبنا.

لو لم أقرأ بتأنٍ لخرجت بمادة ساخرة، ووظفتها لجذب القراء، وتابعت التعليقات الساخرة معهم، وصرفت نظرهم عن المادة المهمة التي جاءت في التحقيق الصحفي ولأضعت جهد الزميل محمد الساعي، وجهد الدكتورة أحلام القاسمي وجهود المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون ولأضعت فرصة للإشادة بأوجه الصرف الحكومي في مملكة البحرين التي تصب في تقديم الخدمات للمواطن؛ مما جعلها تتقدم إلى تحقيق 69.1 من أصل 100 نقطة، في حين حققت منطقة "المينا" أي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 60.3 من أصل 100 .

كم من كوارث معلوماتية انتشرت بيننا بسبب القراءة المتسرعة واجتزاء المواضيع؟ وكم تسببت المعلومات المغلوطة حين ننشرها أو نعلق عليها متسرعين بكوارث اجتماعية وسياسية واقتصادية؟.