لا يمكن لي شخصياً أن أصف الشعور الذي انتابني بعد صدور أمر جلالة الملك المعظم بتخصيص أرض لمقر جمعية الصحفيين البحرينية، وتكفل جلالته ببنائها، وهو شعور يشاركني فيه كل زملاء المهنة، بل كل أبناء البحرين. حيث أصبح لصوت الكلمة بيت جديد، وهو ما يمثل رسالة سامية من والد البحرين إلى كل من حمل القلم بإخلاص وكتب لأجل الوطن.
وعلى مدى سنوات فقد اعتدنا، كصحافيين وإعلاميين، من جلالته هذا النهج الكريم في احتضان الكلمة ودعم الحرية المسؤولة. واليوم ومع الأمر السامي تدخل الصحافة البحرينية في مرحلة جديدة لتثبت واقعها في أن تكون جزءاً أصيلاً من منظومة التنمية الوطنية الشاملة.
كصحفية عايشت مراحل كثيرة من تطور المشهد الإعلامي في البحرين، أستطيع القول إن هذا التكريم الملكي لم يأتِ من فراغ. فالصحافة البحرينية، منذ بداياتها الأولى، كانت دائماً صوتاً للوطن ومرآة للمجتمع، فعلى أيدي الرعيل الأول من الكتاب والصحافيين تأسست بواكير مدرسة صحفية بحرينية متفردة في رؤيتها، عميقة في رسالتها، ومخلصة في انتمائها. هؤلاء الذين كتبوا بمشاعل الوعي، مؤمنين بأن الحرية الحقيقية هي التي تبني ولا تهدم.
اليوم، بعد عقود من الجهد والعطاء، تأتي المكرمة الملكية السامية لتؤكد أن بيت الصحافة البحرينية سيكون أكثر من مجرد مقر إداري، بل رمز للهوية الوطنية الإعلامية، ومركزاً لصناعة الوعي وتخريج الأجيال الجديدة، الذين يحملون ذات الشغف وذات المسؤولية التي حملها المؤسسون.
ولعل أجمل ما في هذه اللفتة الملكية أنها جاءت متزامنة مع احتفال الجمعية بيوبيلها الفضي، وكأنها جائزة وفاء من البحرين لكل من خدم الكلمة بصدق، فالصحافة التي كانت على الدوام رفيقة مراحل التطور السياسي والاجتماعي، تستحق أن يرفع لها هذا البيت لتبقى صوت الوطن والحق.
اليوم، ونحن نستحضر تاريخ الصحافة البحرينية ندرك أننا نقف على إرث من المهنية والالتزام الوطني لا يقدر بثمن، وها هي الأجيال الجديدة من أبناء البحرين، صحفيات وصحفيين، يكملون المسيرة بثقة، سندهم قائد آمن أن الإعلام القوي الحر هو ركيزة للوطن القوي.
بيت الصحافة البحرينية سيبنى قريباً على أرض البحرين، لكن قيمه ستبنى في قلوبنا نحن الصحفيين، الذين نعرف تماماً أن هذا البيت ليس لنا وحدنا، بل لكل بحرينية وبحريني آمن بحرية الكلمة ومسؤوليتها.
هذه هي الصحافة التي يريدها جلالة الملك؛ وطنية، مهنية، مسؤولة، ومخلصة للوطن قبل كل شيء.
وفي زمنٍ تتراجع فيه قيم الصحافة في كثير من دول العالم، تظل البحرين، كما أرادها قائدها، منارة للكلمة الحرة، تحفظ للصحفي مكانته، وتكرس للحرية احترامها، وتقول للعالم؛ هنا تكتب الحقيقة.. وهنا يكرم من يكتبها.