تمضي مملكة البحرين باتجاه تعزيز موقعها كمركز اقتصادي واستثماري حيوي في المنطقة، وهو ما تجلى مؤخراً من خلال استضافتها للنسخة الثالثة من منتدى بوابة الخليج 2025، الذي نظمه مجلس التنمية الاقتصادية بمشاركة واسعة من كبار المستثمرين وصناع القرار من داخل المملكة وخارجها.
هذا الحدث قدم نفسه كمنصة فاعلة لتوقيع ما يزيد عن 60 اتفاقية وشراكة استراتيجية بقيمة تفوق 17 مليار دولار أمريكي، ما يعكس تزايد ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية البحرينية، ويترجم رؤية المملكة الطموحة للنمو المستدام.
هذه الاستثمارات توزعت على مجموعة متنوعة من القطاعات تشمل الخدمات المالية، وتقنية المعلومات والاتصالات، والصناعة، والطاقة المتجددة، والسياحة، مما يُعد دفعة قوية نحو تنويع الاقتصاد وتعزيز قدراته التنافسية.
وبدلاً من كونها أرقاماً فقط، فإن هذه الاستثمارات تمثل محركات تنموية تسهم في توسيع النشاط الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، وترسيخ دور البحرين كمحور يربط بين الأسواق الإقليمية والعالمية.
هذه الاتفاقيات ستوفر بإذن الله فرصاً كبيرة لتعزيز سوق العمل الوطني، من خلال استحداث وظائف متقدمة في مجالات مثل التكنولوجيا الحديثة، والخدمات الذكية، والطاقة النظيفة، بما يتماشى مع طموحات الكفاءات البحرينية الشابة. ويسهم تدفق هذه الاستثمارات في تحفيز نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد حجر الأساس للاقتصاد المحلي، إلى جانب دعم برامج التدريب وبناء القدرات لتأهيل الشباب لقيادة المشاريع المستقبلية.
على مدى السنوات الماضية، حرصت مملكة البحرين على ترسيخ مكانتها كوجهة مفضّلة للاقتصاد الصديق للمستثمرين، من خلال تبني سياسات واضحة تهدف إلى تسهيل مزاولة الأعمال، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية متطورة تواكب المتغيرات العالمية. فقد أولت المملكة أهمية كبيرة لجذب الاستثمارات بشكل ميسر، عبر إزالة العوائق، وتقديم حوافز مدروسة، وتطوير البنية التحتية القانونية والتقنية، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي ويحسّن من جودة الحياة داخل المملكة.
هذا النهج يُعد جزءاً أصيلاً من الرؤية الاقتصادية التي تعتمدها البحرين، والتي تركز على خلق بيئة حاضنة نموذجية للاستثمار، باعتبار أن الاستقرار والديمومة لا يتحققان إلا من خلال شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وبنية مؤسسية مرنة تستجيب لاحتياجات المستثمرين وتطلعاتهم.
المنتدى أراه جاء ليعزز أيضاً الصورة الدولية للبحرين كوجهة استثمارية آمنة ومتطورة، مدعومة بتشريعات مرنة، وبنية تحتية رقمية متقدمة، ورؤية حكومية واضحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتحقيق تنمية مستدامة.
معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني، أكد في كلمته الافتتاحية على هذا التوجه بقوله إن البحرين تمثل مركزاً للفرص والابتكار، وجسراً استراتيجياً بين الشرق والغرب. وبالفعل عكس المنتدى هذه الرؤية، مؤكّداً أن البحرين لا تكتفي بالاستعداد للمستقبل، بل تسهم في صناعته بثقة واستباقية، لتظل خياراً ذكياً وجاذباً للمستثمرين إقليمياً وعالمياً.
بهذه الخطوات المتسارعة والواضحة، تثبت البحرين أنها لا تراهن على الحاضر فحسب، بل تبني مستقبلاً اقتصادياً واعداً يرتكز على الابتكار والشراكة المستدامة. ودعواتنا للمولى عز وجل أن يوفق الجهود لما فيه خير لهذا الوطن الغالي وشعبه الذي يستحق كل الخير.