حضرت للتو مؤتمراً إعلامياً دولياً عقدته حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي على هامش الاجتماع السنوي لها، استعرضت فيه الحكومة أمام وسائل الإعلام ما قد تم إنجازه من الاستراتيجية الوطنية الإماراتية وتوقعاتها للعام القادم.
كانت الأرقام والإحصائيات التي عرضت امتحاناً لأدائها الاقتصادي بشكل عام ولقطاعات الصناعة المحلية، والتجارة للقطاعات غير النفطية، ولاستراتيجية المحتوى الوطني، والسياحة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا إلخ، وهي أرقام أقل أقل أقل ما يقال عن إنجازها أنها «مفخرة» للشعب الإماراتي، وحين سألت الـ«سي إن إن» الوزراء الحاضرين كيف تقيّمون أنفسكم وتمنحون أنفسكم هذه الأرقام؟أجابت الحكومة أن لديها ثلاثة مصادر للتقييم، أحدها هي تقيم ذاتها سنوياً، والثانية مصادر دولية معتمدة هي التي تقيم الأداء بناء على معاييرها الخاصة هي التي تختارها وتحدد بها موقع الحكومة الإماراتية عالمياً، والتقييم الثالث يتم بشكل حي مباشر أثناء الأداء بمعنى أن كل القرارات التي تتخذها تجري لها عمليات تقييم للنتائج منذ اليوم الأول لصدورها، فإن وجدوا أن الأداء غير مرضٍ وأتى بنتائج عكسية يوقف فوراً دون تردد.
ثم توالت الأسئلة التي طالبت بالأدلة على الأرقام المطروحة التي طرحت في المؤتمر، وكانت الإجابات فورية وحاضرة بكل ثقة واقتدار لدى الوزراء الحاضرين وهم معالي سلطان الجابر ومعالي محمد القرقاوي ومعالي أنور قرقاش ومعالي عمر العلماء ومعالي بن طوق المري ومعالي ريم الهاشمي، وتمت الإجابة عليها.
المؤتمر بحد ذاته فريد من نوعه أن تقبل حكومة استعراض نتائج أدائها أمام وسائل إعلام عالمية وليست محلية فقط، وتعطيها الفرصة (للاستجواب) وحتى من لم تُتَحْ له فرصة طرح الأسئلة بإمكانه أن يُبدي رأيه في وسيلته الإعلامية، أو على أي منصة إن أراد، مما يُعد مؤشراً عالياً جداً على الثقة بالأداء الاقتصادي وبالنتائج.
وهذه بعض الأرقام اللافتة والتي تستحق التصفيق فعلاً:وفق المنتدى الاقتصادي العالمي للنمو السياحي، الإمارات الأولى عربياً والـ18 دولياً.
وفق اليونيدو لمؤشر الأداء الصناعي التنافسي، الإمارات الأولى عربياً والـ27 عالمياً.
وفق مايكروسوفت، الإمارات الأولى عالمياً في تبنّي الذكاء الاصطناعي في مكان العمل.
وفق مجلس السياحة والسفر العالمي، ارتفعت مساهمة السياحة الإجمالية في السنوات الخمس الأخيرة في الإمارات بنسبة 13% ونأخذ في الاعتبار أرقام السياحة التي تؤكد معدلات الإشغال في الفنادق على حجمها الذي يفوق سنوياً 16 مليون سائح وعدد ليالي الإقامة 65 مليون ليلة بنسبة إشغال 80.5%.
أما الأرقام الإماراتية، فقد ارتفعت نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي 62% ووصلت إلى 190 مليار درهم العام الماضي 2024، وقيمة الصادرات الصناعية 197 مليار درهم.
لفت نظري وبشدة ارتفاع أرقام «المحتوى الوطني» ويهدف هذا المفهوم إلى زيادة مساهمة الشركات الوطنية والمنتجات المحلية والخدمات الإماراتية في سلاسل التوريد والمشتريات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص، وقد كنا قد كتبنا الأسبوع الماضي عن حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة البحرينية في المناقصات الحكومية.
فالأرقام الإماراتية تؤكد ارتفاع عدد العاملين الإماراتيين في الشركات الحاصلة على شهادة المحتوى الوطني من 6000 إماراتي عام 2020 إلى 22 ألف إماراتي 2024 بزيادة قدرها 266%، والإنفاق الحكومي على المحتوى الوطني زاد من 23 مليار درهم عام 2020 إلى 110 مليارات درهم 2024 بنسبة 244%.
ومن المعروف أن هناك اتفاقاً بين البحرين والإمارات يمكن الشركات البحرينية التي تستوفي شروط المحتوى الوطني أن باستطاعتها التقدم للمناقصات الإماراتية، فماذا حصل في هذه الاتفاقية وكم بحرينياً استفاد؟ولفت نظري أيضاً أن الإمارات لديها 120 مختبراً وطنياً معتمداً لقياس الجودة.
الخلاصة ليست الأرقام التي تدل على الازدهار بحد ذاتها التي تستحق الثناء، إنما الاستعداد لاختبار تلك الأرقام ووضعها تحت مظلة الاستجواب العالمي للتأكد من حقيقتها وبشكل علني متاح لمن أراد التشكيك والامتحان.