حسب دراسة حديثة أجراها قسم البحث والتطوير في «شركة النوم العميق»، والتي أظهرت أن 68% من البشر في الوقت الحالي، لا يتذكرون متى آخر مرة حلموا فيها أو كانت لهم رؤية في المنام، في حين يتذكرون رؤى وأحلاماً كثيرة خلال نومهم في الماضي، أما الآن فما يحصل لهم خلال النوم من هذا القبيل لا يعدو بعض الكوابيس من نوع فواتير متأخرة، مطاردة مع محصل القروض في البنك، مدير يركض خلفهم في الصحراء، ما يعني أنهم فقدوا تلك المساحة الجميلة المرتبطة بالنشاط الليلي، وأصبحت أحلام ورؤى النوم تشبه العملة فئة البنس الأمريكي، يعرف الجميع أنها موجودة لكن لا أحد يراها، حتى قررت الولايات المتحدة مؤخراً إيقاف سكها.
حتى من يحلم تغيرت أحلامه، ففي الماضي كانت الأحلام تسمّى «بالوردية» لأن الإنسان يحلم أنه في حديقة غناء، أو أنه يطير بين السحاب أو يمشي على الماء، أو يعيش في قصر منيف، أو يعثر على كنز، أما الآن فأحلامه عبارة عن موقف يتعرض فيه لسرقة البطاقة البنكية مع مطاردة للسارق، أو يتحدث إلى قط يرتدي بدلة رسمية وربطة عنق وفي آخر الحلم يتبين أنه روبوت، ولا نعرف ما السبب، هل الأزمات العالمية أصابت منطقة اللاوعي فينا، فدمّرت وسيلة الهروب الأخيرة من الواقع، والمساحة الحرة البعيدة عن الرقابة في داخلنا، أم أن الأحلام خضعت للواقع وارتبطت به، لتعصرنا وتحافظ على وضعنا الإنتاجي حتى ونحن نيام؟! لاسيما وأننا ننام أكثر من أجدادنا، لكن نومنا ليس هانئاً كنومهم، وإنما ننام بعد أن نصل إلى مرحلة الإعياء، فالنوم هو لحظة الانهيار والسقوط من قمة الوعي، لكن مع طول ساعات النوم التي نحصل عليها، لا نجد الأحلام، في الواقع ننام ونحن في وضع الاستيقاظ غير الواعي، ولا أدري إذا ما فكر الأطباء في هذه المشكلة، وحاولوا إيجاد حل لإعادة أحلامنا الضائعة، كنوع من أنواع الرعاية الصحية، لا أدري ما الحل، ربما بأدوية أو حملات توعية، فالحلم ليس رفاهية بقدر ما هو وسيلة للبقاء، نحلم حتى لا نتكلس، نحلم لأن الحلم جزء من الحياة.
أما نحن ففي الوقت الحالي إذا كنا من الذين لا يحلمون، علينا أن نتخذ إجراء سريعاً قبل النوم، فبعد أن نطفئ الضوء، نحتاج إلى أن نطفئ العالم بعده، فالوسادة المريحة لا تكفي إذا رقد فوقها عقل صاخب، يستمر في التفكير بأشياء تحدث في تلك اللحظات.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية