تتنوّع أدوات التسويق عبر منصّات التواصل الاجتماعي لفكرة أو منتج وطرحها للجمهور. فمن هنا ظهر المؤثّرون للتسويق عن كل شيء حولنا بما فيها التسويق عن أنفسهم، بهدف الوصول إلى جمهور متنوع ذي اهتمامات واحتياجات مختلفة من خلال تصوير يوميات أو مشاركة تجارب شخصية، وكثيراً ما تكون خاصة جداً. يستهدف المؤثّرون شريحة من الناس للتفاعل معهم، ففي السنوات الماضية أصبح المؤثرون جزءاً هاماً من حياتنا فهم قادرون -بأسلوب ذكي أو أسلوب رخيص- على جذب انتباه جمهورهم؛ حتى وإن كان الابتكار في المحتوى قائماً على السبّ والقذف وأحياناً تقديم معلومات غير دقيقة ومضلّلة وغير صحيحة، المهم في ذلك ليس المحتوى المفيد، وإنما أن يصل محتواه «الترند»، حتى أصبح الترند مؤثراً على الثقافة وتشكيل القيم والاتجاهات، وبذلك يتحقق من خلال الرسائل نظرية الاحتياجات والاشباعات عند الجمهور، فهم بذلك يساهمون بشكل كبير في تشكيل الاتجاهات الثقافية والقيم في المجتمع.
يتنوّع المؤثرون في التسويق، فهناك مؤثرون يلعبون دوراً أساسياً في تشكيل الاتجاهات والمفاهيم الجمالية المبنية على مبدأ الشراء لأحدث صيحات الموضة والمكياج وتصفيف الشعر والملابس ومعايير الجمال لعمليات التجميل، وهناك مؤثرون يروّجون للقيم الاجتماعية والإيجابية، وهناك من يركّز على مشاكله الخاصة ويربطها بقضايا المجتمع، وهناك مؤثرون يروّجون للسلع والمنتجات المختلفة، أسهموا بطريقة ذكية في تغيير سلوك المستهلك في الشراء، فالبعض يفضّل شراء المنتج الذي يوصي به المؤثرون لأنهم يجدون أنهم يتحلّون بالمصداقية، لذلك يجدهم البعض بأنهم يمثلون قادة رأي في ذلك ويتبعونهم كالقطيع من غير إدارك أو تفكير فيما يتناولونه من آراء أو معتقد، فهل المؤثرون قادة رأي أو مجرد مسوّقين؟
وهذا ما يغفل عنه البعض عندما يثق بالمؤثر ثقة عمياء في الأفكار التي يطرحها والعلامات التجارية التي يسوّق لها، علماً بأن البعض لا يُدرك بأن المؤثرين يتلقون أجراً مقابل الترويج للمنتجات وبعض الآراء. الوعي في هذه الحالة واجب خاصة في أسلوب حياة المؤثّرين وحياة الترف التي غالباً لا تكون واقعية، وهذا بالتأكيد يشكّل خطراً على المجتمع وخاصة لدى الشباب، إذ قد يؤدي إلى ضغط نفسي ومقارنات بين أسلوب حياة المؤثرين وبين الواقع الذي يعيشه الفرد.
لذا، يتطلّب منا جميعاً كدولة ومجتمع مترابط، موازنة دقيقة بين حرية التعبير وحماية الجمهور. ومطلوب من المؤثرين تقديم محتوى مسؤول ومحترم. من المهم أن تكون هناك آليات تضعها الجهات المعنية لضمان النزاهة والشفافية، كذلك تأمين حقوق المستهلك من التسويق العشوائي لمنتجات لا تتمتع بمعايير الجودة.
في النهاية، المجتمع يحتاج إلى تقنين المؤثرين فيما يطرحونه وفيما يسوّقون له، حتى يرتقي المجتمع بالمحتوى ونستطيع بذلك أن نُعلن أن محتواهم يتمتع بالمصداقية.