قبل يومين احتفلت مملكة البحرين بيوم المرأة الوطني، هذا الاحتفال الذي لم يكن قاصراً على جهة بمفردها سواء في القطاع الحكومي أو قطاع الأعمال، وكذلك منظمات المجتمع المدني على مختلف أهوائها وطرائقها، بل عمت المملكة كلها -تقريباً- أجواء احتفالية وفرحة بهذا اليوم، وكأننا نعيشه للمرة الأولى.
فقد أدلت كل مؤسسة حكومية وخاصة بما في دلوها من أفكار ومبادرات للاحتفاء بالنساء العاملات فيها، سواء بإقامة ندوات أو جلسات عمل تناقش واقع المرأة البحرينية ومستقبلها، وتستكشف التطلعات في المنظور القريب والبعيد، أو فقط حفل تشاركي، حتى إن إحدى المناسبات شهدت حشداً كبيراً من الحضور غير المسبوق والذي لم يكن يستوعبه مكان الفعالية إلا بجهد جهيد، نظراً للإقبال والحرص على المشاركة من الرجل قبل المرأة.
وعندما تابعت هذا الأمر وذكرته لإحدى الزميلات من الجيل القديم، كان ردها عفويا قائلة: قبل عقدين وأكثر لم يكن أحد ليتخيل ما تشهده المرأة البحرينية اليوم من دعم لا محدود في جميع الأماكن والميادين، بل إن المرأة العاملة كانت غريبة في مواقع العمل لندرة تواجدها، وهو ما كان أحد المعوقات أمام التفكير المجرد للباحثات عن عمل أن تحصل على وظيفة وتجد فيها الراحة والقبول الكامل.
ورغم كلام الزميلة، إلا أن تاريخ المرأة البحرينية النضالي، وثقافة مجتمعنا المتجذرة في التاريخ، ووعي الآباء بأهمية تعليم البنات ومنحهن حرية اتخاذ القرارات، كان من أبرز سمات شعب البحرين، فهو الشعب المحافظ.. والمثقف الواعي في الوقت ذاته، ولا أعتقد أن المرأة البحرينية كانت تواجه مصاعب كبيرة في بداية خروجها للعمل، حيث خرجت قبله بسنين طويلة طلباً للتعليم.
ثم جاء العهد الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، ليبدأ مرحلة تأسيس بنية تحتية راسخة لشراكة المرأة في المجتمع وتولي القيادة في المؤسسات، وعززت الحكومة الموقرة، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، برامج تمكين المرأة من خلال سياسات وتشريعات نوعية رسّخت من حضورها، كما شرع المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، في رفع قواعد تمكين المرأة في شتى المواقع، وصولاً إلى هذا اليوم.
والفارق بين الأعوام القريبة الماضية، واحتفال هذا العام، هو حرص الرجل البحريني على الاحتفاء ومشاركة المرأة البحرينية فرحتها بهذا اليوم، وهو ما لاحظته وأعتبره سمة لنسخة 2025 من يوم المرأة البحرينية.
ولذلك لا أجد حرجاً أو تردداً في أن أتقدم بالشكر الجزيل للرجل البحريني في يوم المرأة، وذلك لما قدمه لها اليوم من دعم وحفاوة وإظهار للفرحة وحرص على المشاركة الحقيقية الخالصة للمرأة في يومها، ولو كنت سأهنئ المرأة البحرينية بهذه المناسبة، فإنني لن أمررها دون رفع يد التحية للرجل أيضاً.