وسط متغيرات إقليمية متسارعة، برزت القمة الخليجية الـ46 في الصخير لتؤكد مكانة دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة راسخة قادرة على تعزيز استقرار المنطقة وصون أمنها الجماعي.
وقد شكّلت كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في الجلسة الافتتاحية، الإطار السياسي الذي انطلقت منه أعمال القمة، بما حملته من رؤى واضحة تعلي من شأن التعاون، وترفض التدخلات الخارجية، وتؤكد أن أمن الخليج العربي كلٌّ لا يتجزأ، وأن الحفاظ عليه واجب تشترك فيه الدول وشعوبها على حد سواء.
وأكدت كلمة جلالته دعماً ثابتاً لوقف الحرب في غزة، والدفع نحو سلام عادل يستند إلى حل الدولتين والالتزام بالقانون الدولي، إلى جانب التأكيد على المكانة المتقدمة لمجلس التعاون كصوت موحّد في القضايا الإقليمية والدولية، وكركيزة استقرار في جغرافيا تزداد تبدّلاً وتعقيداً، بما يفرض تعزيز التنسيق وتوحيد المواقف تجاه التحديات المشتركة.
وجاء «إعلان الصخير» ليعزّز هذه الرؤية من خلال مبادئ واضحة تؤكد أن التكامل الخليجي خيار استراتيجي ثابت، وأن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها يمثلان خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
كما وضع الإعلان مساراً طموحاً لتطوير الاقتصاد الخليجي وتعزيز السوق المشتركة وتنمية الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتكامل البنى التحتية، بما يفتح آفاقاً واسعة للنمو والابتكار، ويدعم تنافسية اقتصاد الخليج عالمياً.
وفي شأن الدفاع المشترك، أكدت المخرجات أن أمن الخليج العربي يقوم على منظومة متماسكة لا تعتمد فقط على القدرات العسكرية، بل على «قبة اجتماعية فولاذية» أثبتت صلابتها عبر التاريخ؛ قبة تستند إلى وحدة الشعوب وترابط القيادات والمصير المشترك، وتشكل الدرع الأمتن أمام أي تهديد يستهدف المنطقة.
أما البيان الختامي، فقد ترجم هذه المبادئ إلى خطوات عملية تعزز الوحدة الاقتصادية، وتدعم الموقف الخليجي الموحّد تجاه القضايا العربية والإقليمية، وترسّخ دور المجلس في حماية الأمن البحري والملاحة الدولية، وتؤكد استعداد دوله لبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لشعوب المنطقة.
فيصل العلي