اليوم العالمي لمكافحة الفساد أراه فرصة حقيقية لتقييم مستوى الجهود المبذولة في حماية المال العام وترسيخ قيم النزاهة والشفافية في البحرين.

معالي الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية، أكد في كلمته بهذه المناسبة، التزام مملكة البحرين الواضح بمواجهة الفساد بجميع أشكاله، من خلال نهج وطني متكامل بدأ منذ انطلاق المشروع الإصلاحي، حيث تم وضع أُسس رقابية وتشريعية ساعدت على بناء بيئة شفافة تعزز مبدأ المساءلة وتدعم الإدارة الرشيدة، ما جعل البحرين تحظى بمكانة متقدمة في الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الفساد.

من أبرز محطات هذه المسيرة الإصلاحية، جاءت المبادرة الملكية في عام 2002 بإنشاء ديوان الرقابة المالية والإدارية، بالتزامن مع إجراء أول انتخابات نيابية، وهو ما شكّل نقطة تحوّل في مسار الحوكمة وتعزيز الشفافية.

وهنا لم يكن الهدف من هذه الخطوة فقط إنشاء جهة رقابية، بل الإعلان عن مرحلة جديدة تهدف إلى حماية المال العام، والتعامل مع أي تجاوزات قبل أن تتفاقم. وقد عبّرت هذه الرؤية عن رغبة واضحة في بناء علاقة ثقة بين المواطن والمؤسسات على أساس من الشفافية والرقابة الفاعلة.

وفي إطار تعزيز هذا التوجّه، جاءت توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بإطلاق منصة «تواصل» التي أتاحت للمواطنين إيصال آرائهم وملاحظاتهم وشكاواهم بشكل مباشر إلى الجهات المعنية، بما في ذلك البلاغ عن حالات الفساد. وقد لعب هذا النظام دوراً محورياً في إشراك المجتمع في الرقابة ومتابعة الأداء، ما ساهم في تصحيح الأخطاء وتحقيق درجة أكبر من الشفافية داخل الأجهزة الحكومية.

كما دعمت وزارة الداخلية هذا المسار من خلال أدوات عملية، أبرزها تخصيص خط ساخن للإبلاغ عن شبهات الفساد، مما أتاح المجال أمام المواطنين للمشاركة الفعلية في رصد المخالفات.

معالي وزير الداخلية أوضح أن عدد البلاغات التي استقبلتها إدارة مكافحة الفساد منذ بداية العام وحتى مطلع ديسمبر بلغ 193 بلاغاً، وتمّ التعامل معها بسرّية ووفق إجراءات قانونية تضمن العدالة، في دلالة واضحة على تزايد الوعي المجتمعي بدور المواطن في حماية المال العام ومكافحة الفساد.

هذه الجهود مجتمعة تُظهر إصرار الدولة على صون مكتسباتها الوطنية، المادية والبشرية، عبر نشر ثقافة النزاهة واعتماد الشفافية كمبدأ أساسي في الأداء الحكومي.

واجبنا اليوم أن نحمي وطننا من الفساد والمفسدين، سواء تمثّل ذلك في تجاوزات مالية أو ممارسات إدارية غير نزيهة. فبناء الوطن لا يعتمد فقط على القوانين والأنظمة، بل على وعي المواطن وإيمانه بأن محاربة الفساد مسؤولية جماعية تتطلب منه المشاركة، والمبادرة، والحرص على أن تبقى قيم الشفافية والمحاسبة حاضرة في كل مسار تنموي. ومن خلال التعاون بين القيادة والمجتمع، يمكننا أن نرسم مستقبلاً أكثر استقراراً وعدالة، لا مكان فيه للمفسدين ولا لفسادهم المالي والإداري.