بمناسبة احتفال مملكة البحرين بأعيادها الوطنية، وعيد الجلوس السادس والعشرين لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وما يصاحبها من مناسبات وطنية، تتجدد الروح الوطنية لتتزامن مع سردية نجاح اقتصادية ملهمة، تُجسد الرؤية الثاقبة والحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، فقد تحولت المملكة من خلال خطط استراتيجية محكمة إلى نموذجٍ ريادي في المنطقة، يعتمد على التنويع الاقتصادي والابتكار، ليكتب فصلاً جديداً من فصول التنمية المستدامة الشاملة.

تعد الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030 ومستهدفات رؤية 2050 حجر الزاوية في هذه المسيرة، حيث تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة متوازنة بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة. وترتكز هذه الرؤية على تحسين جودة الحياة، وبناء اقتصاد معرفي رقمي تنافسي، وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز مكانة المملكة كمركز مالي وتجاري وإقليمي وعالمي رائد.

وقد شهدت البحرين تحولات هيكلية عميقة، تجسدت في سلسلة من الإصلاحات والمبادرات المحورية التي أرست دعائم الاقتصاد الحديث، ومن أبرزها، تطوير الأطر التشريعية مثل إجراء تعديلات على قانون الشركات التجارية، وإعداد قانون المعاملات الإلكترونية، مما وفر بيئة أعمال شفافة ومنظمة وإنشاء الهيئات الداعمة كمجلس التنمية الاقتصادية، وهيئة تنظيم سوق العمل، ومركز البحرين للمستثمرين، مما سهل عملية الاستثمار وحمى حقوق جميع الأطراف.

كما كان الانفتاح على العالم عبر توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإنشاء وتطوير مناطق حرة كمنطقة البحرين العالمية للاستثمار، مما جذب رؤوس الأموال العالمية.

بالإضافة إلى تنمية القطاعات الواعدة مثل مجموعة «ممتلكات»، وإنشاء معهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة (دانات)، لدعم قطاعات الصناعة واللوجستيات والثقافة.

وتشهد المؤشرات الاقتصادية على نجاح هذه الرحلة، حيث حققت البحرين قفزات كمية ونوعية مبهرة حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي قفز من 2.9 مليار دينار بحريني في عام 1999 إلى 16.2 مليار دينار بحريني في عام 2023، فيما أظهرت أرقام الحسابات القومية لعام 2024 أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة ارتفع بنسبة 2.6% مقارنة بالعام السابق بمعدل نمو تراكمي مذهل.

وتنامي القطاع الخاص بارتفاع عدد السجلات التجارية النشطة إلى 83 ألف سجل في عام 2024، بالإضافة إلى تعزيز المركز المالي حيث اجتذبت البحرين 367 مؤسسة مالية عالمية ومحلية، لتثبت مكانتها كواحدة من أهم المراكز المالية في المنطقة.

وفيما يتعلق بتحقيق التنويع الاقتصادي، فقد ساهمت القطاعات غير النفطية بما يصل إلى8 .84% خلال الربع الأول من العام 2025 من الناتج المحلي الإجمالي، محققة الهدف الاستراتيجي الأعلى بالاستقلالية عن التقلبات النفطية.

لم تكن هذه الإنجازات لترى النور دون بنية تحتية متطورة ترتقي لطموح القيادة، وتلبي احتياجات المستقبل، فقد أولت البحرين هذا الجانب أهمية قصوى، حيث شهدت المملكة طفرة في مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تعزز الربط الداخلي والخارجي، مثل تطوير الطرق والجسور والمطارات، وإنشاء المناطق الحضرية الحديثة. ولم تقتصر هذه المشاريع على دفع عجلة النمو الاقتصادي وجذب المستثمرين فحسب، بل ساهمت بشكل مباشر في تحسين جودة الحياة للمواطن البحريني، الذي يظل الغاية والوسيلة في كل خطط التنمية.

في اليوم الوطني المجيد، لا تحتفل البحرين فقط بأعيادها الوطنية، بل تحتفي بإرادة شعبها وقيادتها الرشيدة الحكيمة التي حولت التحديات إلى فرص، والأهداف إلى إنجازات ملموسة.